للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: جنّب كرامتك اللئام، فإنك إن أحسنت إليهم لم يشكروا، وإن أساءوا لم يشعروا.

ومن رسالة لأبى إسحاق الصابى فى حقّ من نزع يده من الطاعة [١] :

وكان الذى أثمره الجهاد، ودلّ عليه الارتياد؛ اليأس من صلاح هذه الطوائف الناشئة على اعتياد المعاصى والاستئناس بالدواهى، والثقة بأنّ أودها لا يتقوّم، وزيغها لا يتسدّد، وخلائقها لا تنصرف عمّا ضربت العادة عليه بسياجها، واستمرّت به على اعوجاجها، إذ كانت العادة طبيعة ثانية، وسجيّة لازمة؛ كذلك زعمت الحكماء، وبرهنت عليه العلماء. قال بعض الشعراء:

ما كلّ يوم ينال المرء ما طلبا ... ولا يسوّغه المقدار ما وهبا [٢]

وأنصف الناس فى كلّ المواطن من ... سقى الأعادى بالكأس التى شربا

وليس يظلمهم من بات يضربهم ... [بحدّ [٣]] سيف به من قبلهم ضربا

فالعفو إلّا عن الأعداء مكرمة ... من قال غير الذى قد قلته كذبا

قتلت عمرا وتستبقى يزيد لقد ... رأيت رأيا يجرّ الويل والحربا

لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها ... إن كنت شهما فأتبع رأسها الذنبا

هم جرّدوا السيف فاجعلهم به جزرا [٤] ... هم أوقدوا النار فاجعلهم لها حطبا


[١] فى الأصل: «من نزع يده من الطاعة منها» وظاهر أن كلمة «منها» مقحمة لغير حاجة.
[٢] كذا فى تاريخ أبى الفدا طبع دار الطباعة العامرة الشاهانية بالقسطنطينية وفى الأصل «ما طلبا» وقائل هذه القصيدة أبو أذينة يحرّض ابن عمه الأسود بن المنذر على قتل جماعة من ملوك الشام كان قد أسرهم وأراد أن يعفو عنهم.
[٣] زيادة عن تاريخ أبى الفدا.
[٤] الجزر بالتحريك: ما يذبح من الشاء واحدتها جزرة بالتحريك أيضا. وفى أبى الفدا: «فاجعلهم له جزرا» .