للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن المقفّع: لا يقذفنّ فى روعك [١] أنّك إذا استشرت الرجال ظهر للناس منك الحاجة [إلى رأى غيرك [٢]] فتنقطع بذلك عن المشورة، فإنك لا تريد الفخر ولكن الانتفاع.

قال بشّار:

إذا بلغ الرأى المشورة فاستعن ... برأى نصيح أو نصيحة حازم

ولا تحسب الشّورى عليك غضاضة ... فإن الخوافى [٣] رافدات القوادم

قال الأصمعىّ: قلت لبشار: إن الناس يعجبون من أبياتك فى المشورة؛ فقال:

يا أبا سعيد، إن المشاور بين صواب يفوز بثمرته، وخطإ يشارك فى مكروهه؛ فقلت:

أنت والله فى قولك أشعر منك فى شعرك. وهذان البيتان من قصيدة كان بشّار بن برد قد كتب بها إلى إبراهيم بن عبد الله بن الحسن يمدحه بها ويحرّضه على أبى جعفر المنصور، فمات إبراهيم قبل وصول القصيدة إليه، فخاف بشار من اشتهارها فقلبها [٤] وجعل التحريض على أبى مسلم [٥] الخراسانىّ فقال:

أبا مسلم ما طيب عيش بدائم ... ولا سالم عما قليل بسالم

وإنما كان قال:

أبا جعفر ما طيب عيش بدائم

قال فيها بعد هذين البيتين المقدّمين:

وخلّ الهوينى للضعيف ولا تكن ... نؤوما فإنّ الحزم ليس بنائم


[١] كذا فى عيون الأخبار (مجلد ١ ص ٣١ طبع دار الكتب المصرية) وفى الأصل: «لا تنفذن فى روعاتك ... » .
[٢] زيادة عن عيون الأخبار.
[٣] الخوافى: ريشات فى جناح الطائر اذا ضم جناحيه خفيت. والقوادم: ريشات فى مقدم جناح الطائر. يريد: أن الضعيف قد يمد القوى بالمعونة.
[٤] فى الأغانى: «فقلب الكنية» .
[٥] فى الأصل: «وجعل التحريض فيها على أبى موسى ... » والتصويب عن الأغانى ج ٣ ص ٥٦ طبع بولاق.