للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما خير كفّ امسك الغلّ أختها ... وما خير سيف لم يؤيّد بقائم

وحارب إذا لم تعط إلّا ظلامة ... شبا الحرب خير من قبول المظالم

وأدن على [١] القربى المقرّب نفسه ... ولا تشهد الشّورى امرأ غير كاتم

فإنّك لا تستطرد الهمّ بالمنى ... ولا تبلغ العليا بغير المكارم

إذا كنت فردا هرّك [٢] القوم مقبلا ... وإن كنت أدنى لم تفز بالعزائم

وما قرع [٣] الأقوام مثل مشيّع [٤] ... أريب ولا جلّى العمى مثل عالم

وقال الهيثم: ما رأيت ابن شبرمة قطّ إلا وهو متهيئ كأنه يريد الركوب، فذكر ذلك له وأنا حاضر؛ فقال: إنّ الرجل لا يستجمع له رأيه حتى يجمع عليه ثيابه، ثم قال: أتى رجل من الحىّ فقال لدهقان: يا هذا، إنه ربما انتشر علىّ أمرى فى الرأى فهل عندك مشورة؟ فقال: تهيّأ والبس ثيابك ثم اهمم بما تريد، فهو أجمع لرأيك، فليس من أحد يفعل ذلك إلا اجتمع له رأيه.

وقال أفلاطون: إذا استشارك عدوّك فجرّد له النصيحة، لأنه بالاستشارة قد خرج من عداوتك إلى موالاتك. وقيل: إذا أردت أن تعرف الرجل فشاوره، فإنك تقف من مشورته على جوره وعدله، وحبّه وبغضه، وخيره وشرّه.

وقيل: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش فى غزاة بدر نزل صلى الله عليه وسلم أدنى ماء من مياه بدر، فقال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله،


[١] فى عيون الأخبار (المجلد الأوّل ص ٣٢) : «وأدن من القربى ... » .
[٢] يقال:
فلان هرّه الناس اذا كرهوا ناحيته. والعزائم: الحاجات التى يعتزم المرء فعلها. يريد أنك اذا انفردت برأى نفسك ولم تستعن بآراء ذوى التجارب باعدك الناس وأصغروا من شأنك، وان كنت أدنى القوم شأنا لم تفز بحاجاتك التى اعتزمت عليها.
[٣] كذا فى الأغانى (ج ٣ ص ٥٦) وفى الأصل:
«وما قارب ... » .
[٤] المشيّع: الشجاع كأنه شيع بغيره أو بقوة قلبه.