للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتحقّق زللهم فيها؛ وكان درك تنفيذها عائدا على العمّال دون الوزير. وإن وقفوها على تنفيذ الوزير فعليه فى تنفيذها حقّان: أحدهما أن يستكشف عن أسبابها، ليعلم خطأها من صوابها. والثانى تقوية أيديهم ونفى الارتياب عنهم، فإن ظهور الارتياب مجشّة [١] للقلوب. فإن نفّذها لهم حين لم يتحقّق زللهم فيها كان درك تنفيذها عائدا على الوزير دون العمّال.

والقسم الرابع- تنفيذ أمور الرعايا على ما ألفوه من عادات ومعاملات اختلفوا فيها حين ائتلفوا بها، لأنّ الناس مجبولون على الحاجة إلى أنواع لا يقدر الواحد أن يقوم بجميعها، فخولف بين هممهم لينفرد كلّ قوم بنوع منها فيأتلفوا بها، فيقوم الزرّاع بمزارعهم، ويتشاغل الصنّاع بصنائعهم، ويتوفّر التجّار على متاجرهم.

وعليه فى تنفيذها لهم حقّان: أحدهما ألّا يعارض صنفا منهم فى مطلبه، والثانى ألّا يشاركه فى مكسبه. وربما كان للسلطان رأى فى الاستكثار من أحد الأصناف فينقل إليه من لم يألفه فيختلّ النظام بهم فيما نقلوا عنه وفيما نقلوا إليه. وربما ضنّ السلطان عليهم بمكاسبهم فتعرّض لها أو شاركهم فيها فاتّجر مع التجار وزرع مع الزرّاع.

وهذا وهن فى حقوق السياسة وقدح فى شروط الرياسة من وجهين: أحدهما أنه إذا تعرّض لأمر، قصرت فيه يد من عداه؛ فإن تورك عليه لم ينهض به، وإن شورك فيه ضاق على أهله.

وقد روى عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ما عدل وال اتّجر فى رعيّته»

. والثانى لأن الملوك أشرف الناس منصبا فخصّوا بموادّ السلطنه، لأنها أشرف الموادّ مكسبا. فإن زاحموا العامّة فى رذل [٢] مكاسبهم أوهنوا الرعايا ودنّسوا


[١] كذا فى الأصل، والمجشة بكسر الميم: الرحا، من جش الشىء: دقه وكسره، وفى «قوانين الوزارة» : «فإن ظهور الارتياب لخيبة» .
[٢] فى قوانين الوزارة: «فى درك مكاسبهم» .