للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الممالك؛ وعاد وهنهم عليها فاختلّ نظامها، واعتلّ مرامها.

وقد روى عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال «إذا اتّجر الراعى هلكت الرعيّة»

. وكتب حكيم الروم إلى الإسكندر: أىّ ملك تطنّف [١] نفسه إلى المحقّرات فالموت أكرم له.

فهذا ما اشتمل عليه الشرط الأوّل.

وأما الشرط الثانى من شروط وزارة التفويض، فهو الدفاع. وهو أسّ السلطنة وقانون السياسة والأخصّ بكفاية السيف فى تدبير الملك وضروب المصالح.

ويشتمل على أربعة أقسام: أحدها الدفاع عن الملك من الأولياء، والثانى الدفاع عن المملكة من الأعداء، والثالث دفاع الوزير عن نفسه من الأكفاء، والرابع دفاعه عن الرعية من خوف [٢] واختلال.

فالقسم الأول فى دفاعه عن الملك من أوليائه- ويكون بثلاثة أسباب: أحدها أن يقودهم إلى طاعته بالرغبة، ويكفّهم عن معصيته بالرهبة؛ فإن الرغبة والرهبة إذا تواليا على النفس ذلّت لهما وانقادت خوفا وطمعا، وبهما تعبّد الله الخلق فى وعده ووعيده. والثانى أن يقوم بكفايتهم حتى لا ينفروا بالقوّة أو يتفرّقوا بالضعف؛ وكلاهما قدح فى الملك. والثالث أن يحفظهم من الإغواء، ويحرسهم من الإغراء؛ وذلك بأمرين: أحدهما البحث عن أخبارهم حتى يعلم سليمهم من سقيمهم. والثانى بإبعاد المفسدين عنهم حتى لا يتعدّى إليهم فسادهم؛ فإن الكفّ بحسب الكشف.


[١] تطنفت نفسه الى الشىء: أشفت وأشرفت عليه. وفى قوانين الوزارة «تطلعت» بدل «تطنفت» .
[٢] كذا فى قوانين الوزارة، وفى الأصل: «من حزف ... » وهو تحريف.