للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقسم الثانى فى دفاعه عن المملكة من أعدائها- وأعداء الممالك [١] من انفرد بملك أو امتنع بقوّة. وهم ثلاثة أصناف: أكفاء مماثلون، وعظماء متقدّمون، وناجمة منافسون. فأما الأكفاء المماثلون فيدفعون بالمقاربة والمسالمة. وأما العظماء المتقدّمون فيدفعون بالملاطفة والملاينة. وأما الناجمة المنافسون فيدفعون بالسوط والمخاشنة.

والقسم الثالث فى دفاع الوزير عن نفسه من أكفائه- ويكون بعد استصلاح الطرفين: الأعلى وهو الملك، والأدنى وهم الأعوان. وأكفاؤه ثلاثة:

واتر، وموتور، ومنافس.

فأما الواتر- فقد بدأ بشرّه وجاهر بعداوته؛ وكلاهما بغى مؤنس [٢] بالنصر عليه. وللوزير فى ترته حقّان: حقّ فى مقابلته على ما قدّم من ترته، وحق فى استدفاع ما جاهر به من عداوته. فأما حقه فى المقابلة، فإن عفا الوزير عنها كان بالفضل جديرا، وإن قابل كان فى المقابلة معذورا. وقد قيل: لذّة العفو أطيب من لذّة التشفى [لأن لذّة العفو يتبعها الحمد ولذة التشفى يعقبها الندم [٣]] . قال الشاعر:

فإنّك تلقى فاعل الشّرّ نادما ... عليه ولم يندم على الخير فاعله

وأما حقّه فى استدفاع شرّه، فقد أيقظته مجاهرته، وأوهن كيده مظاهرته.

وقد قيل فى منثور الحكم: أوهن الأعداء كيدا أظهرهم بعداوته. فاحذر بادرته وادفع [٤] عداوته. ودفعها مختلف باختلاف طباعه فى انثنائه بالرغبة وتقويمه بالرهبة.


[١] كذا فى قوانين الوزارة، وهو ما يقتضيه السياق، فان الكلام فى أعداء المملكة. وفى الأصل:
«وأعداء الملك» .
[٢] مؤنس: يوقع فى القلب أنسا وطمأنينة بالظفر به.
[٣] زيادة عن قوانين الوزارة.
[٤] كان ينبغى أن تكون الجملة «فليحذر ... وليدفع ... » لأن الكلام هنا لغائب هو الوزير. لكنها منقولة من قوانين الوزارة- والكلام فيه لمخاطب- من غير تغيير.