للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث أن يحوطهم بكفّ الأذى عنهم، ومنع الأيدى الغالبة منهم؛ ليكون لهم كالأب الرءوف ويكونوا له كالأولاد البررة؛ فإنّه كافل مسترعى ومسئول مؤاخذ.

ولله عليه فيهم حقّ، وللسلطان عليه فيهم [١] تبعة. فليغتنم الوزير بهم شكر إحسانه، ويجمّل بعدله فيهم آثار سلطانه.

وأما الشرط الثالث من شروط وزارة التفويض وهو الإقدام، فهو فى السياسة أوفى شطريها [٢] ، وفى الوزارة أكفى [٣] نظريها؛ لظفر الإقدام، وخيبة الإحجام. وقد قيل فى منثور الحكم: بالإقدام تثبت الأقدام. وإنما يجب الإقدام إذا ظهرت أسبابه، وقصدت أبوابه. قال الشاعر:

إذا ما أتيت الأمر من غير بابه ... ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتدى

ثم يجمع بعدهما بين حزمه وعزمه. فالحزم تدبير الأمور بموجب الرأى، والعزم تنفيذها للوقت المقدّر لها. فإذا تكاملت شروط الإقدام من هذه الوجوه الأربعة- وهى: ظهور أسبابه، وقصد أبوابه، والحزم، والعزم- لم يمنع من الظّفر، إلا عوائق القدر.

والإقدام ينقسم إلى قسمين: أحدهما الإقدام على اجتلاب المنافع، والثانى على دفع المضارّ. فأما الإقدام على اجتلاب المنافع فضربان: أحدهما استضافة ملك، والثانى استزادة موادّ. فأما استضافة الملك فتكون بالحزم والعزم إذا اقترنا برغبة أو رهبة. ولأن تكون بالاغتيال والاحتيال، أولى من أن تكون بالقتال.

وأما استزادة الموادّ فتكون بالعدل والإحسان إذا اقترنا برفق ومياسرة لتكثر بهما العمارة وتتوفّر بهما الزراعة؛ فإنّ الأرض كنوز الملك يستخرجها أعوان متطوّعون يقنعهم


[١] كذا فى قوانين الوزارة، وفى الأصل «منهم تبعة» .
[٢] فى قوانين الوزارة: «أو فى شرطها» .
[٣] كذا فى قوانين الوزارة، وفى الاصل «أو فى نظريها» .