للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما العزل فضربان:

أحدهما: ما كان عن غير سبب فهو خارج عن السياسة؛ لأن للأفعال والأقوال أسبابا إذا تجرّدت عنها [١] صار الفعل عبثا والكلام لغوا لا يقتضيه رأى حصيف، ولا توجبه سياسة لبيب. وقد قيل: العزل أحد الطّلاقين. فكما أنه لا يحسن الطلاق بغير سبب، كذلك لا يحسن العزل بغير سبب. وإذا لم يثق الناظر باستدامة نظره مع الاستقامة، عدل عنها إلى النظر لنفسه، فعاد الوهن على عمله.

وما يكون هذا العزل إلا عن فشل أو ملل.

والضرب الثانى: أن يكون العزل لسبب دعا إليه. وأسبابه تكون من ثمانية أوجه:

أحدها: أن يكون سببه خيانة ظهرت منه، فالعزل لها من حقوق السياسة مع استرجاع الخيانة والمقابلة عليها بالزواجر المقوّمة. ولا يؤاخذ فيها بالظنون والتّهم.

فقد قيل: من يخن يهن.

والوجه الثانى: أن يكون سببه عجزه وقصور كفايته، فالعمل بالعجز [مضاع [٢]] ؛ وهو نقص فى العاجز وإن لم يكن ذنبا له؛ فلا يجوز فى السياسة إقراره على العمل الذى عجز عنه. ثم روعى عجزه بعد عزله، فإن كان لثقل ما تقلّده من العمل جاز أن يقلّد ما هو أسهل، وإن كان لقصور منّته وضعف حزمه لم يكن أهلا لتقليد ولا عمل.


[١] كذا فى الأصل. والذى يؤخذ من كتب اللغة أن «تجرّد» يتعدّى ب «من» .
[٢] التكملة عن «قوانين الوزارة» .