للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثالث: أن يكون سببه اختلال العمل من عسفه أو خرقه. فهذا السبب زائد على الكفاية، وخارج عن السياسة. والوزير المقلّد فيه بين خيارين:

إما أن يعزله بغيره، وإما أن بكفّه عن عسفه وخرقه. ويجوز أن يكون مرصدا لتقليد ما تدعو [١] السياسة فيه الى العسف لمن شاقّ ونافر. فقد قيل: لكلّ بناء أساس، ولكلّ تربة غراس.

والوجه الرابع: أن يكون سببه انتشار العمل به من لينه وقلّة هيبته. فهذا السبب موهن للسياسة. والوزير فيه بين خيارين: إما أن يعزله بمن هو أقوى وأهيب، وإما أن يضمّ إليه من تتكامل به القوّة والهيبة. وخياره فيه معتبر بالأصلح. ويجوز أن يقلّد بعد صرفه ما لا يستضرّ فيه بضعفه.

والوجه الخامس: أن يكون سببه فضل كفايته وظهور الحاجة إليه فيما هو أكبر من عمله. فهذا أحمد وجوه العزل وليس بعزل فى الحقيقة، وإنما هو نقل من عمل إلى ما هو أجلّ منه، فصار بهذا العزل زائد الرتبة. وقد قال بعض البلغاء:

الناس فى العمل رجلان: رجل يجلّ به العمل لفضله ورياسته؛ ورجل يجلّ بالعمل لتقصيره ودناءته، فمن جلّ به العمل ازداد تواضعا وبشرا، ومن جلّ بالعمل ازداد ترفّعا وكبرا.

والوجه السادس: أن يكون سببه وجود من هو أكفأ [٢] منه. فيراعى حال الأكفأ، فإن كان فضل كفايته مؤثّرا فى زيادة العمل به كان عزل الناظر به من لوازم


[١] كذا فى قوانين الوزارة. وفى الأصل: «ما تدعو إليه السياسة فيه ... الخ» وظاهر أن كلمة «إليه» مقحمة لغير حاجة.
[٢] استعمال «أكفأ» بمعنى أكثر اضطلاعا بالأمر، من الخطأ المشهور، وكذلك كفء وأكفاء فى هذا المعنى، وانما الصواب لغة فى كل هذا: أكفى، وكاف، وكفاة، من الكفاية التى هى الاضطلاع بالأمر وحسن القيام به.