للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السياسة ولم يسغ فيها إقراره على عمله؛ وإن لم يؤثّر فى زيادة العمل كان عزل الناظر من طريق الأولى فى تقديم الأكفاء وتخيّر الأعوان، وإن جاز فى السياسة إقرار الناظر على عمله لنهوضه به.

والوجه السابع: أن يكون سببه أن يخطب عمله من الكفاة من يبذل زيادة فيه. فلا يجوز عزله ببذل الزيادة حتى يكشف عن سببها، فربما تخرّص [١] بها الباذل لرغبة فى العمل، أو لعداوة فى العامل. فإن لم يظهر لها بعد الكشف موجب لم يجز فى السياسة عزله بهذا البذل الكاذب؛ وكان الباذل جديرا بالإبعاد لابتدائه بالإدغال [٢] .

فإن ظهر موجب الزيادة لم يخل من ثلاثة أقسام: أحدها أن يكون لتقصير الناظر؛ فيجب عزله. والوزير بعد عزله بين خيارين: إما أن يقلّد الباذل أو غيره من الكفاة. والثانى أن يكون موجبها فضل كفاية الباذل؛ فيجب عزله بالباذل دون غيره. والثالث أن يكون سببها عسف الباذل وخرقه، فلا يجوز فى السياسة عزل الناظر ولا تقريب الباذل، فربما مال إلى الزيادة من تغاضى عن العدل، فعزل وقلّد فصار هو العاسف المجازف.

والوجه الثامن: أن يكون سببه أن الناظر مؤتمن، فيخطب عمله ضامن. فتضمين الأعمال خارج عن قوانين السياسة العادلة، لأن المؤتمن عليها إذا كان كافيا استوفى ما وجب، وكفّ عما لم يجب؛ وهذا هو العدل. والضامن إن ضمنها بمثل ارتفاعها لم يؤثر، وإن ضمنها بأكثر منه تحكّم فى عمله، وكان بين عسف أو هرب، لأنه ضمن ليغنم لا ليغرم. وحكى أن المأمون عزم على تضمين السّواد، وعنده عبيد الله


[١] تخرص: افترى وكذب. وفى الأصل «فربما تحرص ... » ، وفى قوانين الوزارة «فربما يخرجه ... » . وما وضعناه يظهر أنه المناسب للسياق. فلعل ما فى الأصل يكون محرفا عنه.
[٢] الإدغال هنا: الوشاية والخيانة.