للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يزل الله بالعائدات ... على من يعود [١] بها عائدا

أيا جامع المال وفّرته ... لغيرك إذ لم تكن خالدا!

فإن قلت أجمعه للبنين ... فقد يسبق الولد الوالدا

وإن قلت أخشى صروف الزمان ... فكن فى تصاريفه واحدا

فاجعل يومك أسعد من أمسك، وصلاح الناس عندك كصلاح نفسك. ومل إلى اجتذاب القلوب بالاستعطاف، وإلى استمالة النفوس بالإنصاف، تجدهم كنزا فى شدائدك، وحرزا فى نوائبك.

احذر دعوة المظلوم وتوقّها، ورقّ لها إن واجهك بها، ولا تبعثك العزّة على البطش فتزداد ببطشك ظلما، وبعزتك بغيا. وحسبك بمنصور عليك الله ناصره منك.

كن عن الشهوات [٢] عزوفا تنفكّ من أسرها، فإنّ من قهرته الشهوة كان لها عبدا، ومن استعبدته ذلّ بها.

وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن أشفق من النار لها عن الشهوات»

. وقيل لبعض حكماء الروم: ما الملك الأعظم؟ قال: أن يغلب الإنسان شهوته.

وكن بالزمان خبيرا تسلم من عثرته؛ فإنّ الاغترار به مرد. وقدم لمعادك ليبقى عليك ما ذخرته، فلن تجد إلا ما قدّمته؛ وإنك لتجازى بما صنعت. واستقلّ الدنيا تجد فى نفسك عزّا، فترضى اذا سخطت، وتسرّ اذا حزنت؛ فلن يذلّ إلا طالبها، ولن يحزن إلا صاحبها. فقد قال بعض الحكماء: ليكن طلبك الدنيا اضطرارا،


[١] فى قوانين الوزارة: «على من يجود بها عائدا» .
[٢] فى الأصل وقوانين الوزارة: «كن للشهوات عزوفا» وعزف وما اشتق منه يتعدى الى المعمول بالحرف «عن» .