للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنك مرصد لحوائج الناس، لأنّ بيدك أزمّة الأمور وإليك غاية الطلب، فكن عليها صبورا، تكن بقضائها مشكورا؛ ولا تضجر على طالبها وقد أمّلك، ولا تنفر عليه إذا راجعك؛ فما يجد الناس من سؤالك بدّا. ولخير دهرك أن ترى مرجوّا.

قال أبو بكر بن دريد:

لا تدخلنّك ضجرة من سائل ... فلخير دهرك أن ترى مسئولا

لا تجهن بالردّ وجه مؤمّل ... فبقاء عزّك أن ترى مأمولا

واعلم بأنك عن قليل صائر ... خبرا فكن خبرا يروق جميلا

وقد قيل فى الصحف الأولى: القلب الضيق لا تحسن به الرياسة، والرجل اللئيم لا يحسن به الغنى. ولئن كانت الحوائج كالمغارم لمن استثقلها فهى مغانم لمن وفّق لها.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما عظمت [١] نعمة الله على عبد إلا عظمت مؤنة الناس عليه فمن لم يحتمل مؤنة الناس عرّض تلك النعمة للزوال»

. واذا جعلت الوزارة غايات الأمور إليك، وحوائج الناس واقفة عليك، والقدرة لك مساعدة، لانبساط يدك ونفوذ أمرك، صرت بالتوقّف والإعراض مخلّا بحقوق نظرك، وآسفا على فوات مكنتك. فقد قال بهرام جور فى عهده الى ملوك فارس: إنكم بمكان لا مصرف للناس عن حوائجهم إليكم، فلتتّسع صدوركم كاتّساع سلطانكم. قال علىّ بن الجهم:

إذا جدّد الله لى نعمة ... شكرت ولم يرنى جاحدا


[١] كذا فى الأصل وقوانين الوزارة. ونصه فى الجامع الصغير: «ما عظمت نعمة الله على عبد إلا اشتدّت عليه مؤنة الناس فمن لم يحتمل تلك المؤنة للناس فقد عرض تلك النعمة للزوال»