للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانهوا جيوشكم عن الغلول [١] فإنه ما غلّ جيش قطّ إلا قذف الله الرعب فى قلوبهم»

. وقال أبو الدرداء: يأيها الناس، عمل صالح قبل الغزو فإنما تقاتلون بأعمالكم.

والعاشر: ألّا يمكّن أحدا من جيشه أن يتشاغل بتجارة أو زراعة ليصرفه [٢] الاهتمام بها عن مصابرة العدوّ وصدق الجهاد.

روى عن نبىّ من أنبياء الله تعالى أنه قال: «لا يغزون معى من بنى بناء لم يكمله ولا رجل تزوّج امرأة لم يدخل بها ولا رجل زرع زرعا لم يحصده [٣] »

. والرابع- ما يلزم المجاهدين معه من حقوق الجهاد. وهو ضربان: أحدهما ما يلزمهم فى حق الله تعالى؛ والثانى ما يلزمهم فى حق الأمير عليهم.

فأما اللازم لهم فى حق الله تعالى فأربعة أشياء. أحدها: مصابرة العدوّ عند التقاء الجمعين بألّا ينهزم عنه من مثليه فما دون ذلك. وقد كان الله عز وجل فرض فى أوّل الإسلام على كل مسلم أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا

. ثم خفّف الله عنهم عند قوّة الإسلام وكثرة أهله فأوجب على كل مسلم لاقى العدوّ أن يقاتل رجلين منهم، فقال تعالى:

الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

فحرّم على كل مسلم أن ينهزم من مثليه إلا لإحدى حالتين: إما أن يتحرّف لقتال فيولّى لاستراحة أو لمكيدة ويعود الى قتالهم؛ وإما أن يتحيّز الى فئة أخرى يجتمع معها على قتالهم. قال الله تعالى:


[١] الغلول: الخيانة فى المغنم.
[٢] كذا بالأصل، ويظهر أن سياق الكلام يقتضى «فيصرفه» بالفاء.
[٣] كذا فى الأحكام السلطانية، وفى الأصل: «ولا رجل زرع زرعا ليحصده» .