للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ

قال: وسواء قربت الفئة التى يتحيز إليها أو بعدت. فقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لفلّ [١] القادسيّة حين انهزموا اليه: أنا فئة كل مسلم. ويجوز اذا زادوا على مثليه ولم يجد الى المصابرة سبيلا أن يولّى عنهم غير متحرّف لقتال ولا متحيّز الى فئة.

هذا مذهب الإمام الشافعى رحمه الله. واختلف أصحابه فيمن عجز عن مقاومة مثليه وأشرف على القتل هل يجوز انهزامه، فقالت طائفة: لا يجوز انهزامه عنهم وإن قتل، للنص. وقالت طائفة أخرى: يجوز أن يولّى ناويا أن يتحرّف لقتال أو يتحيّز الى فئة ليسلم من القتل ومن إثم الخلاف؛ فإنه إن عجز عن المصابرة فلا يعجز عن هذه النية. وقال أبو حنيفة: لا اعتبار بهذا التفصيل، والنصّ فيه منسوخ، وعليه أن يقاتل ما أمكنه وينهزم إذا عجز وخاف القتل. والثانى من حقوق الله تعالى: أن يقصد بقتاله نصرة دين الله تعالى وإبطال ما خالفه من الأديان، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. فيكون بهذا الاعتقاد حائزا لثواب الله تعالى ومطيعا له فى أوامره ونصرة دينه ومستنصرا على عدوّه [ليستسهل ما لاقى [٢]] فيكون أكثر ثباتا وأبلغ نكاية. ولا يقصد بجهاده استفادة المغنم فيصير من المتكسّبين لا من المجاهدين. والثالث من حقوق الله تعالى: أن يؤدّى الأمانة فيما حازه من الغنائم ولا يغلّ منها شيئا حتى تقسم بين جميع الغانمين ممن شهد الوقعة وكانوا على العدوّ يدا، لأن لكل واحد منهم فيها حقا. قال الله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ

. والرابع من حقوق الله تعالى: ألّا يمايل من المشركين ذا قربى ولا يحابى فى نصرة الله تعالى [ذا مودّة [٣]] ، فإن حق الله


[١] قوم فلّ: منهزمون.
[٢] زيادة من الأحكام السلطانية.
[٣] فى الأصل فى مكان التكملة غير واضح، وهى عن «الأحكام السلطانية» .