للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى استعمال الأصلح من أربعة أمور. أحدها: أن يقتلهم صبرا بضرب العنق. والثانى:

أن يسترقّهم ويجرى عليهم أحكام الرّقّ من بيع أو عتق. والثالث: أن يفادى بهم على مال أو أسرى. والرابع: أن يمنّ عليهم ويعفو عنهم. قال الله تعالى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ

معناه الأسر [١] . ثم قال:

فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها.

والخصلة الثالثة- أن يبذلوا مالا على المسالمة والموادعة، فيجوز أن يقبله منهم ويوادغهم عليه. وهو على ضربين. أحدهما: أن يبذلوه لوقتهم ولا يجعلوه خراجا مستمرّا. فهذا المال غنيمة لأنه مأخوذ بإيجاف خيل وركاب، فيقسم بين الغانمين، ويكون ذلك أمانا لهم فى الانكفاف [٢] عن قتالهم فى هذا الجهاد، ولا يمنع من جهادهم فيما بعد. والضرب الثانى: أن يبذلوه فى كل عام، فيكون خراجا مستمرّا، ويكون الأمان به مستقرّا. والمأخوذ منهم فى العام الأوّل غنيمة تقسم بين الغانمين، وما يؤخذ فى الأعوام المستقبلة يقسم فى أهل الفىء. ولا يجوز أن يعاود جهادهم ما كانوا مقيمين على بذل المال، لاستقرار الموادعة عليه. وإذا دخل أحدهم إلى دار الإسلام، كان له بعقد الموادعة الأمان على نفسه وماله. فإن منعوا المال زالت الموادعة وارتفع الأمان ولزم [٣] الجهاد كغيرهم من أهل الحرب. وقال أبو حنيفة: لا يكون منعهم من مال الجزية والصلح نقضا لأمانهم، لأنه حق عليهم فلا ينتقض العهد بمنعهم منه كالديون.


[١] فى الأصل: «معناه بالأسر، بزيادة الباء.
[٢] كذا فى الأحكام السلطانية. وفى الأصل: «فى الانكفاء ... » .
[٣] فى الأصل: «ولزوم الجهاد ... » وهو تحريف، والتصويب عن الأحكام السلطانية.