للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخصلة الرابعة- أن يسألوا الأمان والمهادنة؛ فيجوز اذا تعذّر الظفر بهم وأخذ المال منهم أن يهادتهم على المسالمة فى مدّة مقدّرة تعقد الهدنة [عليها اذا كان الامام قد أذن له فى الهدنة [١]] أو فوّض اليه الأمر. فقد هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا عام الحديبية عشر سنين. ويقتصر فى مدّة الهدنة على أقلّ ما يمكن، ولا يجاوز بأكثرها عشر سنين. فإن هادنهم أكثر منها بطلت الهدنة فيما زاد عليها، ولهم الأمان فيها الى انقضاء مدّتها لا يجاهدون فيها من غير إنذار. [فإن نقضوه صاروا حربا يجاهدون من غير إنذار [١]] فقد نقضت قريش صلح الحديبية، فسار اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح محاربا. واذا نقضوا عهدهم فلا يجوز قتل من فى أيدينا من رهائنهم. وقد نقض الروم عهدهم فى زمان معاوية وفى يده رهائن فامتنع المسلمون جميعا من قتلهم وخلّوا سبيلهم وقالوا: وفاء بغدر خير من غدر بغدر.

وإذا لم يجز قتل الرهائن لم يجب [٢] إطلاقهم ما لم يحاربوا. فإن حاربونا وجب إطلاق رهائنهم وإبلاغ الرجل منهم مأمنهم وإيصال النساء والأطفال والذرارى الى أهليهم.

ويجوز أن يشترط لهم فى عقد الهدنة ردّ من أسلم من رجالهم اليهم. فإذا أسلم أحدهم ردّ اليهم إن كانوا مأمونين على دمه، ولم يردّ إليهم [٣] إن لم يؤمنوا عليه. ولا يشترط ردّ من أسلم من نسائهم، لأنهنّ ذوات فروج محرّمة. فإن شرط ردّهن لم يجز أن يرددن [٤] ؛ ودفع الى أزواجهنّ مهورهنّ اذا طلبن.

ولا تجوز المهادنة لغير ضرورة تدعو الى عقدها، وتجوز الموادعة أربعة أشهر فما دونها ولا يزيد عليها.


[١] التكملة من الأحكام السلطانية.
[٢] فى الأحكام السلطانية «لم يجز إطلاقهم ... » .
[٣] كذا فى الأحكام السلطانية. وفى الأصل: «ولم يردّ عليهم ... » .
[٤] فى الأصل: «لم يجز أن يردوا» ومرجع الضمير مؤنث.