للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأمان الخاصّ فيصح أن يبذله كل مسلم من رجل وامرأة وحرّ وعبد؛

لقول النبىّ صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمّتهم أدناهم»

يعنى عبيدهم. وقال أبو حنيفة: لا يصحّ أمان العبد إلا أن يكون مأذونا له فى القتال.

والسادس من أحكامها- السيرة فى نزال العدوّ وقتاله. يجوز لأمير الجيش فى حصار العدوّ أن ينصب عليهم العرّادات [١] والمجانيق. فقد نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف منجنيقا. ويجوز أن يهدم عليهم منازلهم، ويضع عليهم البيات والتحريق. واذا رأى فى قطع نخلهم وشجرهم صلاحا ليظفر بهم عنوة أو يدخلوا فى السلم صلحا لما ينالهم من الضعف، فعل. ولا يفعل إن لم ير فيه صلاحا. فقد قطع النبى صلى الله عليه وسلم كروم أهل الطائف فكان سببا لإسلامهم، وأمر فى حرب بنى النّضير بقطع نوع من النخل يقال له الأصفر يرى نواه من وراء اللّحاء، وكانت النخلة منها أحبّ اليهم من الوصيف [٢] ، فحزنوا لقطعها، وجاء المسلمون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ [٣] أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ

. ويجوز أن يعوّر [٤] عليهم المياه ويقطعها عنهم وإن كان فيهم النساء والأطفال؛ لأنه من أقوى أسباب ضعفهم والظفر بهم. واذا استسقى منهم عطشان فالأمير مخيّر فى سقيه أو منعه. ومن قتل منهم واراه عن الأبصار ولم يلزم [٥] تكفينه. ولا يجوز أن يحرق بالنار منهم حيّا ولا ميتا.

روى عن النبىّ صلى الله عليه


[١] العرادات: واحدها: عرّادة وهى أصغر من المنجنيق ترمى بالحجارة المرمى البعيد.
[٢] الوصيف: العبد.
[٣] اللينة: واحدة اللين وهو كل شىء من النخل سوى العجوة.
[٤] عوّر الماء: سدّه.
[٥] كذا فى الأحكام السلطانية. وفى الأصل «ولم يكره» .