للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبر الى معاوية فطوى عليه واحتال فى فداء الرجل. فلما وصل اليه سأله عن أمره مع صاحب القسطنطينية وعن اسم البطريق الذى وكزه؛ فلما عرفه أرسل الى رجل من قوّاد صور [١] الذين كانوا قوّاد البحر ممن عرف بالنّجدة وغزو الروم، وقال له:

أنشئ مركبا يكون له مجاديف فى جوفه، واستعمل السفر الى بلاد الروم، وأظهر أنك إنما تسافر لبلادهم على وجه السرّ والاستتار منا، وتوصّل إلى صاحب القسطنطينية ومكّنه من المال واحمل إليه الهدايا والى جميع أصحابه، ولا تعرض لفلان (يعنى الذى لطم الرجل القرشىّ) واعمل كأنك لا تعرفه، فإذا كلّمك وقال لك: لأىّ معنى تهادى أصحابى وتتركنى، فاعتذر إليه وقل له: أنا رجل أدخل الى هذه المواضع مستترا ولا أعرف [إلا [٢]] من عرّفت به، فلو عرفت أنك من وزراء الملك لهاديتك كما هاديت أصحابك، ولكنى اذا انصرفت إليكم مرة أخرى سأعرف حقك. ففعل القائد ذلك.

ولما انصرف إليهم ثانية هاداه وألطفه [٣] وأربى فى هديته على أصحابه، ولم يزل حتى اطمأن إليه العلج. فلما كان فى إحدى سفراته قال له البطريق: كنت أحبّ أن تجلب إلىّ من بلاد المسلمين وطاء ديباج يكون على ألوان الزهر؛ قال: نعم. فلما انصرف أخبر معاوية بما طلبه البطريق؛ فأمر له ببساط على ما وصف، وقال: اذا دخلت وادى القسطنطينية فأخرجه وابسطه على ظهر المركب وتربّص فى الوادى حتى يصل الخبر الى ذلك العلج، وابعث له فى السرّ وتحيّن خروجه الى ضيعته التى له على ضفّة وادى القسطنطينية، فإذا وصلت الى حدّ ضيعته فابتدئ بها، لعلّ يحمله الشره على الدخول إليك؛ فاذا حصل عندك فى المركب فمر الرجال بإشارة تكون بينك


[١] صور: مدينة عظيمة وكانت ثغرا من ثغور بحر الشام.
[٢] تكملة نرى أن استقامة الكلام تتوقف عليها.
[٣] يقال: ألطفه بكذا اذا برّه به.