للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى

. نحمده على نعمه التى لم يزل بها قدح الدين فائزا وسهمه مصيبا، ومننه التى ما برح بها جدّ الكفر [١] مدبرا فلا يجد له فى إصابة نصل أو نصر نصيبا، وآلائه التى لا تنفكّ بها سوام السّهام ترد من وريد [٢] الشرك منهلا [٣] عذبا وترود من حبّ القلوب مرعى خصيبا؛ ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تدنى النصر وإن بعد مداه، وتدمى النّصل الذى على راميه إرساله الى المقاتل وعلى الله هداه، وتسمى القدر لمن ناضل عليها فيفوز فى الدنيا والآخرة بما قدّمت يداه؛ ونشهد أن محمدا عبده الذى نصر بالرّعب على من كفر، ورسوله الذى رمى جيش الشّرك بقبضة من تراب فكان فيها الظّفر، ونبيّه الذى نفر الى أهل بدر بنفر من أصحابه فجمع الله النصر والفخر لأولئك النّفر؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين آمنوا بما أنزل عليه وجاهدوا بين يديه، واختصّوا بالذبّ عنه بمزايا القرب حتى سعد سعد بما جمع له، حين أمره بالرمى، فى التفدية بين أبويه، وخصّ بعموم الرّضوان عمّه العبّاس الذى أقرّ الله بإسلامه ناظريه، وبشّره رسول الله صلى الله عليه وسلم باستخلاف بنيه فى الأرض فيما أسرّ به اليه.

وبعد، فإنّ الرّمى أفضل ما أعدّ للعدا، وأكمل ما أفيض به على أهل الكفر رداء الرّدى؛ وأبلغ ما يبعث الى المقاتل من رسل المنون، وأنفع ما يقتضى به فى الوغى [٤] من أعداء الدّين الدّيون، وأسرع ما تبلّغ به المقاصد فيما يرى قريبا وهو أبعد ما يكون؛ وأنكى ما تقذف به عن الأهلّة شهب الحتوف، وأسبق ما تدرك به الأغراض قبل


[١] فى الأصل: «جد الفكر» وهو تحريف.
[٢] فى الأصل: «رويد الشرك» .
[٣] فى الأصل: «منها ... » وهو تحريف.
[٤] فى الأصل «من الوغى» .