للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تعرف بها الرماح أو تشعر [١] بمكانها السيوف؛ ما طلع فى سماء النّقع قوسه إلّا سحّ وبل النّبل، ولا استبقت الآجال وسهمه إلا كان له فى بلوغها السّبق من بعد والسّبق من قبل. ومن شرف قدره الذى دلّ عليه كلام النبوّة، أن النبىّ صلى الله عليه وسلم نبّه على أنه المراد بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ

. ومن أسباب فضله الذى أصبح بها قدره ساميا، وفخره ناميا، وقطره فى أفق النصر هاميا، ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم لفتية ممن أسلم من أسلم: «ارموا يا نبى اسماعيل فإنّ أباكم كان راميا» . ومما عظمت به على الأمة المنّة، وغدت فيه نفوس أرباب الجهاد بالفوز فى الدنيا والآخرة مطمئنّة، قوله صلى الله عليه وسلم: «تعلّموا الرمى فإنّ ما بين الغرضين روضة من رياض الجنّة» . ومن فضل الرمى الذى لا يعرف [٢] التأويل، ما نقل من قوله صلى الله عليه وسلم: «من رمى بسهم فى سبيل الله أخطأ أو أصاب فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل» . ومما يرفع قدر السهم [ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: «إن الله يدخل بالسهم [٣]] الواحد ثلاثة نفر الجنّة صانعه يحتسب فى صنعته الخير وراميه ومنبله» . ومما حضّهم به على الرمى ليجتهدوا فيه ويدأبوا: قوله صلى الله عليه وسلم: «ارموا واركبوا وأن ترموا أحبّ إلىّ من أن تركبوا» . ومن خصائص السّهم أنه ذو خطوة فى الهواء وحكم نافذ فى الماء، وتصرّف حتّى فى الوحش السانح فى الأرض والطير المحلّق فى السماء؛ يكلّم بلسان من حديد؛ ويبطش عن باع مديد؛ إن رام غرضا طار إليه بأجنحة النّسور، وإن حمى معلما أصاب الحدق وصان الثّغور؛ يوجد بصره حيث فقد، واذا انفصل عن أمّه لم يسر من كبد إلا الى كبد؛ أنجز [٤] فعله على ما فيه من إخلاف الطباع، وشرفت


[١] فى الأصل: «أو ما تشعر ... » .
[٢] فى الأصل: «الذى لا يصرف» .
[٣] تكملة للكلام فلعلها، أو شيئا بمعناها، سقطت سهوا من الناسخ.
[٤] فى الأصل: «أنجد فعله» .