للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتدرّعها فتخال عليه غديرا صافحت صفحته يد الشّمال؛ إن نشرت على الجسد غطّت الكعبين، وإن طويت فكالمبرد فى يد القين؛ حميدة الملبس ميمونة المساعى، مسرودة النسج فى عيون الأفاعى؛ داووديّة النّسب تبّعيّة المعزى، قد تقاربت فى الحلق وتناسبت فى الأجزا.

وأعددت للحرب فضفاضة ... تضاءل فى الطىّ كالمبرد

دلاص ولكن كظهر النّون لا يستطيعها سنان، وموضونة ولكن يحيّر البصر فيها عند العيان: أموج بحر يتلاطم فى جوانبها أم حباب غدران. مشفوعة بقوس طلعت هلالا فى سماء المعارك، ومجرّة تنقضّ منها نجوم المهالك؛ ووكرا تسرح منه نسور المعاطب، وأمّا تفرّق أولادها لإحراز الغرض من كلّ جانب؛ تصرع بسهامها كلّ رامح ونابل، وتبكى ومن العجب أن يبكى القتيل القاتل؛ تطيعك فى أوّل النّزع وتعصيك فى آخره، وترسل سهما فلا يقنع من العدوّ إلا بسواد ناظره؛

إذا أنبض الرامون عنها ترنّمت ... ترنّم ثكلى قد أصيب وحيدها

تهابها الأقران، وتتحاماها الشجعان، ويؤمن بمرسلها كلّ شيطان من الإنس والجان.

ووصف الرمح فقال: وإنّ أولى ما اعتقل مولانا من الخطّىّ ما سلب الرّوم زرقتها، والعرب سمرتها؛ وأشبه العاشق ذبولا واصفرارا، وخالط الضّرغام فى غيله فهو يلقى من بأسه عند المطاعنة أخبارا؛ وهزّه الفارس فالتقى طرفاه، وخيّل لرائيه أنّ ثعلبه [١] قد فغرفاه؛ إن حمله الدارع قلت غصنا على غدير، وإن هزّه الفارس وألقاه قلت حيّة على وجه الأرض تسير؛ فهو كالرّشاء لكن لا يرضى قليبا غير القلب، أو كالعدوّ الذى لا يهوى إلّا إزالة ما فى شغف [٢] القلوب من حبّ.


[١] الثعلب: طرف الرمح الداخل فى جبة السنان. والجبة: رأس الرمح فى أسفل السنان.
[٢] فى الأصل «شغوف القلوب» والشغاف، وهو سويداء القلب أو غشاؤه، انما يجمع على شغف.