فى الخبر المنفىّ، فإذا قلت: أنت لا تحسن هذا، كان أبلغ من قولك لا تحسن هذا، فالأوّل لمن هو أشدّ إعجابا بنفسه وأكثر دعوى بأنه يحسن.
قال: واعلم أنه قد يكون تقديم الاسم كاللازم نحو قوله:
يا عاذلى دعنى من عذلكا ... مثلى لا يقبل من مثلكا
وقول المتنبى:
مثلك يثنى الحزن عن صوبه ... ويستردّ الدمع عن غربه
وقول الناس «١» : مثلك يرعى الحق والحرمة، وما أشبه ذلك مما لا يقصد فيه إلى إنسان سوى الذى أضيف اليه وجىء به للمبالغة، وقد عبّر المتنبى عن هذا المعنى فقال:
ولم أقل مثلك أعنى به ... سواك يا فردا بلا مشبه.
وكذلك حكم «غير» اذا سلك فيه هذا المسلك، كقول المتنبى:
غيرى بأكثر هذا الناس ينخدع ... إن قاتلوا جبنوا أو حدّثوا شجعوا
أى لست ممن ينخدع ويغترّ، ولو لم يقدّم «٢» مثلا وغيرا فى هذه الصور لم يؤدّ هذا المعنى.
قال: ويقرب من هذا المعنى تقديم بعض المفعولات على بعض فى نحو قوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ
فإن تقديم شركاء على الجن أفاد أنه ما ينبغى لله شركاء لا من الجنّ ولا من غيرهم، لأن شركاء مفعول ثان لجعلوا، ولله متعلّق به والجنّ مفعوله الأوّل، فقد جعل الإنكار على جعل الشريك لله على الإطلاق من غير اختصاص بشىء دون شىء، لأن الصفة إذا ذكرت مجرّدة عن مجراها على شىء كان