للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخدر الغرارة، وعنفوان الشّبيبة [غافلا «١» عما] يشيب ويريب «٢» ، لا تعى ما يراد ويشاد، ولا تحصّل ما يساق ويقاد، سوى ما أنت جار عليه إلى غايتك التى إليها عدل بك، وعندها حطّ رحلك، غير مجهول القدر، ولا مجحود الفضل، ونحن فى أثناء ذلك نعانى أحوالا تزيل الرواسى، ونقاسى أهوالا تشيب النّواصى؛ خائضين غمارها، راكبين تيّارها؛ نتجرّع صابها، ونشرج «٣» عيابها؛ ونحكم أساسها، ونبرم أمراسها؛ والعيون تحدّج «٤» بالحسد، والأنوف تعطس بالكبر، والصدور تستعر بالغيظ، والأعناق تتطاول بالفخر، والشّفار تشحذ بالمكر، والأرض تميد بالخوف، لا تنتظر عند المساء صباحا، ولا عند الصباح مساء، و [لا «٥» ] ندفع فى نحر أمر إلّا بعد أن نحسو الموت دونه، ولا نبلغ مرادا إلى شىء إلّا بعد جرع العذاب معه، ولا نقيم منارا إلا بعد الإياس من الحياة عنده، فادين فى جميع ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالأب والأمّ، والخال والعمّ، والمال والنّشب، والسّبد واللّبد «٦» ، والهلّة والبلّة «٧» ، بطيب أنفس، وقرّة أعين، ورحب أعطان، وثبات عزائم، وصحّة عقول، وطلاقه أوجه، وذلاقة ألسن؛ هذا مع خفيّات أسرار، ومكنونات أخبار كنت عنها غافلا،