رأسك؟ ما هذا الشجا المعترض فى مدارج أنفاسك؟ ما هذه القذاة التى تغشّت ناظرك؟ وما هذه الوحرة «١» التى أكلت شرا سيفك؟ وما هذا الذى لبست بسببه جلد النّمر، واشتملت عليه بالشّحناء والنّكر، ولسنا فى كسرويّة كسرى، ولا فى قيصريّة قيصر، تأمّل لإخوان فارس وأبناء الأصفر؛ قد جعلهم الله جزرا لسيوفنا، ودريئة لرماحنا، ومرعى لطعاننا، وتبعا لسلطاننا؛ بل نحن نور نبوّة، وضياء رسالة، وثمرة حكمة، وأثرة رحمه، وعنوان نعمه، وظلّ عصمه؛ بين أمّة مهديّة بالحق والصدق، مأمونة على الرّتق والفتق، لها من الله إباء أبىّ، وساعد قوىّ؛ ويد ناصره، وعين ناظره؛ أتظن ظنّا يا علىّ أن أبا بكر وثب على هذا الأمر مفتاتا على الأمّة، خادعا لها، أو متسلّطا [عليها] ؟ أتراه حلّ عقودها [وأحال عقولها «٢» ] ؟ أتراه جعل نهارها ليلا، ووزنها كيلا؛ ويقظتها رقادا، وصلاحها فسادا؟ لا والله، سلا عنها فولهت له، وتطامن لها فلصقت به، ومال عنها فمالت إليه، واشمأزّ دونها فاشتملت عليه، حبوة حباه الله بها، وعاقبة بلّغه الله إليها، ونعمة سربله جمالها، ويدا أوجب عليه شكرها وأمّة نظر الله به لها، والله تعالى أعلم بخلقه، وأرأف بعباده، يختار ما كان لهم الخيرة، وإنك بحيث لا يجهل موضعك من بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ولا يجحد حقّك فيما أتاك الله، ولكن لك من يزاحمك بمنكب أضخم من منكبك، وقرب أمسّ من قرابتك، وسنّ أعلى من سنّك، وشيبة أروع من شيبتك، وسيادة لها أصل فى الجاهليّة وفرع فى الإسلام، ومواقف ليس لك فيها جمل ولا ناقه، ولا تذكر فيها