فى مقدّمة ولا ساقه؛ ولا تضرب فيها بذراع ولا إصبع، ولا تخرج منها ببازل ولا هبع «١» ؛ ولم يزل أبو بكر حبة قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعلاقة نفسه وعيبة سرّه، ومفزع رأيه، وراحة كفّه، ومرمق طرفه؛ وذلك كلّه بمحضر الصادر والوارد من المهاجرين والأنصار شهرة مغنية عن الدليل عليه، ولعمزى إنك أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرابة، ولكنه أقرب منك قربة «٢» ، والقرابة لحم ودم، والقربة نفس وروح، وهذا فرق عرفه المؤمنون، ولذلك صاروا إليه أجمعون؛ ومهما شككت فى ذلك فلا تشكّ أن يد الله مع الجماعة، ورضوانه لأهل الطاعه، فادخل فيما هو خير لك اليوم وأنفع غدا، والفظ من فيك ما يعلق بلهاتك، وانفث سخيمة صدرك عن تقاتك، فإن يك فى الأمل طول، وفى الأجل فسحة، فستأكله مريئا «٣» أو غير مرىء، وستشر به هنيئا أو غير هنىء، حين لا رادّ لقولك إلا من كان منك، ولا تابع لك إلّا من كان طامعا فيك، يمصّ إهابك، ويعرك أديمك، ويزرى على هديك، هنالك تقرع السنّ من ندم، وتجرع الماء ممزوجا بدم، وحينئذ تأسى على ما مضى من عمرك، ودارج قوّتك، فتودّ أن لو سقيت بالكأس التى أبيتها، ورددت إلى حالتك التى استغويتها، ولله تعالى فينا وفيك أمر هو بالغه، وغيب هو شاهده، وعاقبة هو المرجوّ لسرّائها وضرّائها، وهو الولىّ الحميد، الغفور الودود.