للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عبيدة: فمشيت متزمّلا «١» أنوء كأنما أخطو على رأسى فرقا من الفرقة، وشفقا على الأمّة، حتى وصلت إلى علىّ رضى الله عنه فى خلاء، فأبثثته «٢» بثّى كلّه، وبرئت إليه منه، ورفقت به؛ فلمّا سمعها ووعاها، وسرت فى مفاصله حميّاها؛ قال:

حلّت معلوطة «٣» ، وولت مخروّطة «٤» ، وأنشأ يقول:

إحدى لياليك فهيسى هيسى ... لا تنعمى الليلة بالتعريس

نعم يا أبا عبيدة، أكلّ هذا فى أنفس القوم يحسّون به، ويضطبعون «٥» عليه؟

قال أبو عبيدة: فقلت: لا جواب لك عندى، إنما أنا قاض حقّ الدّين، وراتق فتق المسلمين، وسادّ ثلمة الأمّة، يعلم الله ذلك من جلجلان «٦» قلبى، وقرارة نفسى؛ فقال علىّ رضى الله عنه: والله ما كان قعودى فى كسر هذا البيت قصدا للخلاف، ولا إنكارا للمعروف، ولا زراية على مسلم، بل لما وقذنى «٧» به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فراقه، وأودعنى من الحزن لفقده، وذلك أننى لم أشهد بعده مشهدا إلا جدّد علىّ حزنا، وذكّرنى شجنا، وإن الشوق [إلى] اللّحاق به كاف عن الطمع فى غيره، وقد عكفت على عهد الله أنظر فيه، وأجمع ما تفرّق [منه]