للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجاء ثواب معدّ لمن أخلص لله عمله، وسلّم لعلمه ومشيئته، وأمره ونهيه؛ على أنى ما علمت أن التظاهر علىّ واقع، ولى عن الحقّ الذى سبق لى دافع، وإذ قد أفعم الوادى بى، وحشد النادى من أجلى، فلا مرحبا بما ساء أحدا من المسلمين وسرّنى، وفى النفس كلام لولا سابق عقد، وسالف عهد، لشفيت نفسى بخنصرى وبنصرى، وخضت لجته بأخمصى ومفرقى، ولكنى ملجم الى أن ألقى ربّى، وعنده أحتسب ما نزل «١» بى، وإنى غاد إلى جماعتكم، مبايع لصاحبكم، صابر على ما ساءنى وسرّكم، «ليقضى الله أمرا كان مفعولا» .

قال أبو عبيدة: فعدت الى أبى بكر رضى الله عنه، فقصصت القول على غرّه «٢» ، ولم أختزل شيئا من حلوه ومرّه، وبكّرت غدوة إلى المسجد، فلما كان صباح يومئذ إذا علىّ يخترق الجماعة إلى أبى بكر رضى الله عنهما، فبايعه، وقال خيرا، ووصف جميلا، وجلس زميّتا «٣» ، واستأذن للقيام فمضى، وتبعه عمر مكرما له، مستثيرا لما عنده، فقال علىّ رضى الله عنه: ما قعدت عن صاحبكم كارها له، ولا أتيته فرقا، ولا أقول ما أقول تعلّة، وإنّى لأعرف منتهى طرفى، ومحطّ قدمى، ومنزع قوسى، وموقع سهمى، ولكن قد أزمت على فأسى «٤» ثقة بربّى فى الدنيا والآخرة.

فقال له عمر رضى الله عنهما: كفكف غربك، واستوقف سربك؛ ودع العصا بلحائها، والدّلاء على رشائها، فإنّا من خلفها وورائها؛ إن قدحنا أورينا، وإن