للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو محروس فى دنياه ودينه، مستلئم من نوب الدهر بدرع يقينه، كاشف لليل الخطب بنور جبينه، وليوم الجدب بفيض يمينه؛ وأعماله مقبوله، ودعواته على ظهر الغمام محموله؛ والدنيا ترعاه وهى تأتى «١» برغمها، والآخرة تدّخر له وهو يسعى لها سعيها- من أيدى عدّة من المسافرين، ولثقتى بهم ما قدّرت «٢» أسماءهم، ولضيق صدرى بتأخير كتب المجلس ما حفظتها.

وجاء منها: وما كأنا إلا أن دعونا الله سبحانه دعوة الأوّلين أن يباعد بين أسفارنا، وأردنا أن يقطع بيننا وبين أخبارنا؛ فأجيبت الدّعوه، ولا أقول لسابق الشّقوه، ولكن للاحق الحظوه؛ فإن مكابدة الأشواق الى الأبرار، تسوق الى الجنّة ولا تسوق إلى النار، وأقسم اننى بالاجتماع به فى تلك الدار، أبهج منى بالاجتماع به لو أتيح فى هذه الدار؛ فعليه وعلىّ من العمل ما يجمع هنا لك سلك الشمل ويصل جديد الحبل؛ فثمّ لا يلقى العصا إلا من ألقى هنا «٣» العصيان، وهناك لا تقرّ العين إلا ممن سهرت منه هاهنا العينان؛ فلا وجه لجمع اسمى مع اسمه فى هذه الوصيّة مع علمى بسوء تقصيرى، وخوفى من سوء مصيرى، ولكن ليزيد سيّدنا من وظائفه وعوارفه،- فكلّ فعله تفضّل من فضله- ما يخلّصنى بإخلاصه فإننى أستحق شفاعته لشفعة جوار قلبى لقلبه، وهذا معنى ما بعث على شغل الكتّاب به، مع علمى باستقرار نفسه النفيسة، إلا أنه- أبقاه الله- قد أبعد عهدى من كتبه ما يقع التفاوض فيه، والمراجعة عنه؛ والخواطر فى هذا الوقت منقبضه، والشواغل لها معترضه، وأيام العمر فى غير ما يفرض من الدنيا للآخرة