للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذرا المنابر؛ أما بعد، فإن الله تعالى لمّا عدق «١» لمولانا أمير المؤمنين مصالح الجمهور وعقد له البيعة فى أعناق أهل الإيمان فزادتهم نورا على نور؛ وأورثه عن أسلافه الطاهرين إمامة خير أمّه، وكشف بمصابرته من بأس العدا غمام كلّ غمّه؛ وأنزل عليه السكينة فى مواطن النصر والفتح المبين، وثبّته عند تزلزل الأقدام وثبّت به قلوب المؤمنين؛ وأفاض عليه من مهابة الخلافة ومواهبها ما هو من أهله، وأتمّ نعمته عليه كما أتمّها على أبويه من قبله؛ بايع الله تعالى على أن يختار للتمليك على البرايا، والتحكيم فى الممالك والرّعايا؛ من أسّس بنيانه على التقوى، وتمسّك من خشية الله سبحانه بالسبب الأقوى؛ ووقف عند أوامر الشرع الشريف فى قضائه وحكمه، ونهض لأداء فرض الجهاد بمعالى عزمه وحزمه؛ وكان المقام الأشرف العالى المولوىّ السلطانىّ الملكىّ المظفّرىّ الركنىّ، سلطان الإسلام والمسلمين، سيّد الملوك والسلاطين؛ ناصر الملّة المحمّديّه، محيى الدولة العباسيّه (أبو الفتح بيبرس) قسيم أمير المؤمنين- أعزّ الله تعالى ببقائه حمى الخلافة وقد فعل، وبلغ فى دوام دولته الأمل- هو الملك الذى انعقد الإجماع على تفضيله، وشهدت مناقبه الطاهرة باستحقاقه لتحويل الملك [اليه «٢» ] وتخويله؛ وحكم التوفيق والاتفاق بترقّيه إلى كرسىّ السلطنة وصعوده، وقضت الأقدار بأن يلقى اليه أمير المؤمنين أزمّة عهوده؛ والذى كم خفقت قلوب الأعادى عند رؤية رايات نصره، ونطقت ألسنة الأقدار بأن سيكون مليك عصره وعزيز مصره؛ واهتزّت أعطاف المنابر شوقا للافتخار باسمه، واعتزّت الممالك بمن زاده الله بسطة فى علمه وجسمه؛ وهو الذى ما برح