مذ نشأ يجاهد فى الله حقّ جهاده، ويساعد فى كل معركة بمرهفات سيوفه ومتلفات صعاده، ويبدى فى الهيجاء صفحته للصّفاح فيقيه الله ويبقيه ليجعله ظلّه فى الأرض على عباده وبلاده، فيردى الأعداء فى مواقف تأييده فكم عفّر من خدّ لملوك الكفر تحت سنابك جياده؛ ويشفى بصدور سيوفه صدور قوم مؤمنين، ويسقى ظماء أسنّته فيرويها من مورد ورود «١» المشركين؛ ويطلع فى «٢» سماء الملك من غرر رأيه نيّرات لا تأفل ولا تغور، ويظهر من مواهبه ومهابته ما تحسّن به انمالك وتحصّن به الثغور؛ فما من حصن أغلقه «٣» الكفر إلا وسيفه مفتاحه، ولا ليل خطب دجا إلا وغرّته الميمونة صباحه، ولا عزّ أمل لأهل الإسلام إلّا وكان فى رأيه المسدّد نجاحه، ولا حصل خلل فى قطر «٤» من الممالك إلّا وكان بمشيئة الله تعالى وبسداد تدبيره صلاحه؛ ولا اتّفق مشهد غزو إلا والملائكة بمضافرته فيه أعدل شهود، ولا تجدّد فتوح للإسلام إلا جاد فيه بنفسه وأجاد، «والجود بالنفس أقصى غاية الجود» كم أسلف فى غزو الأعداء من يوم أغرّ محجّل، وأنفق ماله ابتغاء مرضات الله فحاز النصر المعجّل والأجر