وقال الحسن بن علىّ بن موسى الرّضا: اعلم أن للحباء «١» مقدار فإن زاد عليه فهو سرف، وللحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن، وللاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل.
قال مهدىّ بن أبان: قلت لولّادة العبديّة- وكانت من أعقل النساء-:
إنّى أريد الحج فأوصينى، قالت: أوجز فأبلغ، أم أطيل فأحكم؟ فقلت: ما شئت؛ فقالت: جد تسد، واصبر تفز؛ قلت: أيضا؛ قالت: لا يبعد غضبك حلمك، ولا هواك علمك؛ وق دينك بدنياك، وق عرضك بعرضك؛ وتفضّل تخدم، واحلم تقدّم؛ قلت: فبمن أستعين؟ قالت: بالله؛ قلت: من الناس؛ قالت: الجلد النشيط، والصالح الأمين؛ قلت: فمن أستشير؟ قالت: المجرّب الكيّس، أو الأديب الأريب؛ قلت: فمن أستصحب؟ قالت: الصديق المسلّم، أو المؤاخى «٢» المتكرّم؛ ثم قالت: يا بناه، إنك تفد إلى ملك الملوك فانظر كيف يكون مقامك بين يديه.
وقال حكيم: من الذى بلغ جسيما فلم يبطر «٣» ، واتّبع الهوى فلم يعطب؛ وجاور النساء فلم يفتتن، وطلب إلى اللئام فلم يهن، وواصل الأشرار فلم يندم، وصحب السلطان فدامت سلامته.