التربية والإحسان إليه، ويقبل التأديب، وربّما ربّى فى حانوت السّمّان «١» والجزّار وفى الدّور بين الدّجاج والحمام وغير ذلك من المطاعم التى يحبّها الهرّ ويأكلها فلا يتعرّض لها بفساد، ولا يأكل منها ما لم يطعمه، وربّما حفظها من غيره، وقاتل دونها، مع ما فيه من الافتراس والاختلاس؛ وفى طبع الهرّ وعادته أنّه إذا أطعم شيئا أكله فى موضعه ولم يهرب، واذا خطفه أو سرقه هرب به، ولا يقف إلّا أن يأمن على نفسه؛ وفى بعضها من الجراءة ما يقتل الثعبان والعقرب؛ وإذا أرادت الهرّة ما يريد صاحب الغائط أتت موضع تراب فى زاوية من زوايا الدّار، فتبحث حتّى تجعل لها حفرة، ثم تدفن فيها ما تلقيه، وتغطّيه من ذلك التراب، ثم تشمّ أعلى التراب، فإن وجدت رائحة زادت عليه ترابا حتى تعلم أنّها أخفت المرئىّ والمشموم، فإذا لم تجد ترابا خمشت وجه الأرض، وزعم بعض الأطبّاء أنّ ستر الهرّة لذلك لحدّة رائحته، فإنّ الفأرة إذا شمّته نفرت منه الى منقطع تلك الرائحة؛ وهو يقبل التعليم ويؤدّب حتى يألف الفأر مع ما بينهما من شدّة العداوة، فيحصل بينهما من المؤالفة الظاهرة والملاءمة ما إنّ الفأر يصعد على ظهر الهرّ، وربّما عضّ أذنه، فيصرخ الهرّ ولا يأكله، ولا يخدشه لخوفه من مؤدّبه، فإذا أشار إليه مؤدّبه بأكله وثب عليه على عادته وأكله، وهذا أمر مشاهد غير منكور يفعله الطّرقيّة «٢» ويفرّجون «٣» الناس عليه «٤» ؛