استأنس وزال استيحاشه وألف ذلك الرجل، حفروا أمامه بتدريج وتوطئة، فيطلع وقد سلس قياده، وزال عناده، ثمّ يحملونه فى المركب إلى الديار المصريّة فى جملة التّقادم «١» الموظّفة عليهم؛ وبأرض الهند فيلة غير وحشيّة تستأنس إلى الناس، وتتناتج بينهم، ويقاتلون عليها فى حروبهم، فيجتمع للملك الواحد من ملوك الهند منها عدّة كثيرة، وأكثرها يأوى المروج والغياض كالبقر والجاموس فى بلادنا؛ قال المسعودىّ: وهى تهرب من المكان الذى فيه الكركدّن، فلا ترعى فى موضع تشمّ فيه رائحته؛ وللفيلة بأرض الهند آفة عظيمة من الحيوان، وهو الذى يعرف بالزبرق «٢» أصغر من الفهد، أحمر اللّون برّاق العينين، سريع الوثبة، يبلغ فى وثبته الى خمسين ذراعا وأكثر، فإذا أشرف على الفيلة رشّ عليها ببوله، فيحرقها، وربّما لحق الإنسان فمات؛ وهذا الوحش إذا أشرف على أحد من أهل الهند التجأ إلى أكبر شجر السّاج، وارتقى الى أعلاها، فيأتى هذا الوحش اليها ويثب، فإن أدركه رشّ عليه ببوله، فأحرقه وإن عجز عنه وضع رأسه بالأرض وصاح صياحا عجيبا، فتخرج من فمه قطع من الدّم، ويموت من ساعته، ويحترق من الشجرة ما يقع بوله عليه؛ قالوا: وللهند طيب يجمعونه من جباه الفيلة ورءوسها، فإنّها إذا اغتلمت عرفت «٣» هذه الأماكن