منها عرفا كالمسك، فهم يستعملونه لظهور الشّبق فى الرجال والنساء، وهو يقوّى النّفس، ويشجّع القلب؛ قالوا: والفيل يشبّ إلى تمام ستّين سنة، ويعمّر مائتى سنة؛ [وأكثر «١» ؛ وحكى أرسطو أنّ فيلا ظهر عمره أربعمائة سنة؛ وحكى بعض المؤرّخين أنّ فيلا سجد لأبرويز، ثمّ سجد للمعتضد، وبينهما الزمان الذى ذكره أرسطو] واعتبر ذلك بالوسم؛ ووقفت على حكاية تناسب ما نحن فيه، أحببت أن أثبتها فى هذا الباب، وهى: حكى الامام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانىّ فى كتابه الموسوم (بحلية الأولياء) ، قال: حدّثنا محمد بن الحسن، قال: حدّثنا عبد الوارث ابن بكير: أنّ أبا عبد الله القلانسىّ ركب البحر، فعصفت عليهم الرّيح فى مركبهم، فدعا أهل المركب وتضرّعوا، ونذروا النّذور، فقالوا: أى عبد الله؛ كلّنا قد عاهد الله ونذر نذرا إن أنجانا الله، فانذر أنت نذرا، وعاهده عهدا؛ فقلت: أنا مجرّد من الدنيا، ما لى وللنّذر؛ فألّحوا علىّ فيه؛ فقلت: لله علىّ إن خلّصنى ممّا أنا فيه لا آكل لحم الفيل؛ فقالوا: ما هذا النّذر؟ وهل يأكل لحم الفيل أحد؟ فقلت: كذا وقع فى سرّى، وأجراه الله على لسانى؛ فانكسرت السفينة، ووقعت فى جماعة من أهلها الى الساحل، فبقينا أيّاما لم نذق ذواقا، فبينا نحن قعود إذا نحن بولد فيل، فأخذوه فذبحوه وأكلوا من لحمه، وعرضوا علىّ أكله، فقلت: أنا نذرت وعاهدت الله أن لا آكل لحم الفيل، فاعتلّوا علىّ بأنّى مضطر، ولى فسخ العهد لاضطرارى، فأبيت عليهم، وثبتّ على العهد، فأكلوا وامتلأوا وناموا، فبينما هم نيام إذ جاءت الفيلة تطلب ولدها، وتتبع أثره، فلم تزل تشمّ الرائحة حتّى انتهت إلى عظام ولدها، فشمّتها، ثمّ جاءت وأنا أنظر اليها، فلم تزل تشمّ واحدا واحدا، فكلّما شمّت من