وإن أردتنى للوقود فكفّ بعر أدفأ من نارى، ولم تف حرارة جمرى برائحة قتارى «١» .
ولم يبق إلّا أن تطالبنى بذحل «٢» أو بينى وبينك دم. فوجدته صادقا فى مقالته، ناصحا فى مشورته. ولم أعلم من أىّ أموره أعجب: أمن مماطلته الدّهر على البقاء، أم من صبره على الضّر والبلاء، أم من قدرتك عليه مع عوز مثله، أم من إتحافك الصديق به على خساسة قدره. ويا ليت شعرى إذا «٣» كنت والى سوق الأغنام، وأمرك ينفذ فى المعز والضأن؛ وكلّ حمل سمين، وكبش بطين؛ مجلوب «٤» إليك، وموقوف عليك، تقول فيه فلا تردّ، وتريد فلا تصدّ؛ وكانت هديّتك هذا الذى [كأنه «٥» ] انشر من القبور، أو أقيم عند النّفخ فى الصّور؛ فما كنت مهديا لو أنك رجل من عرض الكتّاب، كأبى علىّ وأبى الخطّاب! ما تهدى إلّا كلبا أجرب، أو قردا أحدب.
وقال شاعر فى هذا المعنى:
ليت شعرى عن الخروف الهزيل ... ألك الذّنب فيه أم للوكيل
لم أجد فيه غير جلد وعظم ... وذنيب له دقيق طويل
ما أرانى أراه يصلح إذ أص ... بح رسما على رسوم الطّلول
لا لشيّ ولا لطبخ ولا بي ... ع ولا برّ صاحب وخليل
أعجف لو مطفّل نال منه ... لغدا تائبا عن التّطفيل «٦»