أمنتك «١» لا تلبث من الدهر ساعة ... ولا نصفها حتى تؤوب مآبيا
ولا تدركنك الشمس عند طلوعها ... فأغلق «٢» فيهم أو يطول ثوائيا
فردّ الغراب والرداء يحوزه ... إلى الدّيك وعدا كاذبا وأمانيا
بأيّة ذنب أو بأيّة حجّة ... أدعك فلا تدعو علىّ ولاليا «٣»
فإنى نذرت حجّة لن أعوقها ... فلا تدعونّى دعوة من ورائيا
تطيّرت منها والدّعاء يعوقنى ... وأزمعت حجّا أن أطير أماميا
فلا تيأسن إنى مع الصبح باكرا ... أوافى غدا نحو الحجيج الغواديا
كحب امرئ فاكهته قبل حجّتى ... وآثرت عمدا شأنه قبل شانيا
هنا لك ظنّ الدّيك أن زال زوله ... وطال عليه الليل أن لا مفاديا
فلما أضاء الصبح طرّب صرخة ... ألا يا غراب هل سمعت ندائيا
على ودّه لو كان ثم يجيبه ... وكان له ندمان صدق مواتيا
وأمسى الغراب يضرب الأرض كلّها ... عتيقا «٤» وأضحى الدّيك فى القدّ عانيا
فذلك مما أسهت الخمر لبّه ... ونادم ندمانا من الطير عاديا «٥»
ومن الحكايات التى لا بأس بإيرادها فى هذا الموضع ما حكاه الجاحظ قال:
قال أبو الحسن: حدّثنى أعرابىّ كان نزل البصرة قال: قدم علىّ أعرابىّ من البادية فأنزلته، وكان عندى دجاج كثير ولى امرأة وابنان وابنتان منها؛ فقلت لامرأتى: بادرى واشوى لنا دجاجة وقدّميها إلينا نتغدّها. فلما حضر الغداء جلسنا جميعا أنا وامرأتى