والأصفر والأبيض. وهذه الألوان كلّها قليلة نادرة الوجود إلّا الأخضر والأغبر.
وقد شاهدت أنا بالقاهرة المعزّيّة درّة «١» بيضاء. وحكى أنه أهدى إلى معزّ الدولة «٢» ابن بويه ببغداد هديّة من اليمن كان فيها ببّغاء بيضاء، سوداء المنقار والرجلين، وعلى رأسها ذؤابة فستقيّة. وهذا الطائر يتناول الطّعم برجله. وله منقار معقّف قصير يكسر به ما صلب وينقب به ما تعسّر نقبه. وهو فى مأكله ومشربه كالإنسان التّرف الظريف. والناس يحتالون على تلقينه بأن ينصبوا تجاهه مرآة يرى خياله فيها ويتكلّم الإنسان من ورائها، فيتوهّم الطائر أنّ خياله فى المرآة هو المتكلّم فيأخذ نفسه بحكاية ما يسمعه من ذلك الصوت.
وقال المولى تاج الدين عبد الباقى اليمانىّ رحمه الله فيها ملغزا:
يا سيّدا أبدع فى المقال ... ويا رئيسا فاق فى المعالى
ما حيوان مشبه الإنسان ... مرتّل الآيات فى القرآن
ذو مبسم صيغ من النّضار ... ومقلة قد ركّبت من قار
ومخلب يكسّر الصّليبا ... ومنطق يفاخر الخطيبا
ذو حلّة بنديّة البرود ... منسوجة من أخضر البنود
كروضة قد أينعت أزهارها ... وأدهشتنا بالغنا أطيارها