ومن إنشاء المولى الفاضل شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبى الكاتب- أمتع الله ببقائه، وزاد فى علوّه وارتقائه- رسالة فى رمى البندق، وصف فيها الرّماة، ومواضع الرّمى ووقته، والقسىّ، وأفعال الرّماة، وجميع طير الواجب «١» ، لم أقف فيما طالعته لمتقدّم ولا متأخّر [على «٢» ] أجمع لهذا الفن منها؛ وهى مما يستعين بها الكاتب على إنشاء ما يقصده من قدم «٣» البندق فى أى نوع أراد من طير الواجب. وقد أوردتها بجملتها؛ لحسن التئامها، واتّساق نظامها؛ وجودة ترتيبها، وبديع تهذيبها. وهى:
«الرّياضة- أطال الله بقاء الجناب الفلانىّ، وجعل حبّه كقلب عدوّه واجبا، وسعده كوصف عبده للمسارّ جالبا وللمضارّ حاجبا- تبعث النفس على مجانبة الدّعة والسكون، وتصونها عن مشابهة الحمائم فى الرّكون إلى الوكون «٤» ؛ وتحضّها على أخذ حظّها من كلّ فنّ حسن، وتحثّها على إضافة الأدوات الكاملة إلى فصاحة اللّسن؛ وتأخذ بها طورا فى الجدّ وطورا فى اللّعب، وتصرّفها فى ملاذّ السموّ فى المشاقّ التى يستروح إليها التّعب؛ فتارة تحمل الأكابر والعظماء فى طلب الصيد على مواصلة السّرى، ومقاطعة الكرى؛ ومهاجرة الأوطار، ومهاجمة الأخطار؛ ومكابدة الهواجر «٥» ،