فيه تارة تتموّج وتارة تسيل؛ فكأنّه محبّ هام بالغصون هوى فمثّلها فى قلبه، وكأنّ النسيم كلف بها غار من دنوّها إليه فميّلها عن قربه.
والسّرو مثل عرائس ... لفّت عليهنّ الملاء
شمّرن فضل الأزر عن ... سوق خلاخلهنّ ماء
والنهر كالمرآة تب ... صر وجهها فيه السماء
وكأنّ صوافّ «١» الطير المبيضة بتلك الملق خيام، أو ظباء بأعلى الرّقمتين قيام، أو أباريق فضّة رءوسها لها فدام «٢» ، ومناقيرها المحمّرة أوائل ما انسكب من المدام؛ وكأنّ رقابها «٣» رماح أسنّتها من ذهب، أو شموع أسود رءوسها ما انطفأ وأحمره ما التهب. وكنّا كالطير الجليل عدّه، وكطراز العمر الأوّل جدّه.
من كلّ أبلج كالنّسيم لطافة ... عفّ الضّمير مهذّب الأخلاق
مثل البدور ملاحة وكعمرها ... عددّا ومثل الشّمس فى الإشراق
ومعهم قسىّ كالغصون فى لطافتها ولينها، والأهلّة فى نحافتها وتكوينها، والأزاهر فى ترافتها وتلوينها؛ بطونها مدبّجه، ومتونها مدرّجه؛ كأنّها الشّولّة «٤» فى انعطافها، أو أرواق الظّباء «٥» فى التفافها؛ لأوتارها عند القوادم أوتار «٦» ، ولبنادقها