للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومزيّن السماء بمصابيح «١» أنوارها، وموشّى الأرض بروضها ونوّارها؛ ومنوّر الأيام بشموسها والليالى بأقمارها، ومطرّز مطارف الآفاق بمطار أطيارها. والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله وصحبه الذين أنجدهم الله من ملائكته بأولى أجنحه، وأهوى بصرائعهم «٢» وأوهى قوى ممانعهم بعزائمهم المنجحه.

وبعد، فإنّ القنص شغفت به قلوب ذوى العزائم؛ وصيّرته عنوانا للحرب إذ حمام الحمام فيه على الفرائس حوائم؛ تلتذّ نفوسهم بالمطاردة فيه وترتاح، وتهواه فلو تمكنت لركبت اليه أعناق الرياح؛ ترد منه مورد الظّفر، وتتمتّع فيه بنزه تقسّم الحسن فيهن بين السمع والبصر، وتتملّى عند السرور إليه برياض دبّجها صوب من المطر لا صوب من الفكر، ويطوى من الأرض ما نشرت أيدى السماء به برودا أبهى من الحبر «٣» ؛ فتارة تستنزل من العواصم الظباء العواصى، وآونة تقتنص الطير وقد تحصّنت من بروج السّحب فى الصّياصى «٤» ببعوثها الدّانية من كلّ قاصى. وأحسن أنواعه الذى جمع لمعاينه بين روضة ورياضه، وغدر مفاضه؛ ومغازلة عيون النّور وهى تدمع حين طرفها بذيله نسيم الصباح، ومباكرة اللذّات من قبل أن ترشف شمس الضحى ريق الغوادى من ثغور الأقاح؛ رمى البندق الذى هو عقلة المستوفز «٥» ، وانتهاز غفلة الطائر المتحرّز؛ ونزهة القلوب التى إن طالت لا تملّ؛ وإن اجتاز المتنزّه بموطنها لم يؤجر «٦» . أحلى من صيد الظباء، وأشهى من لمح ملح الحسناء؛