للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو لم أغمض عن مساويك عينى، وأترك للصلح [موضعا «١» ] بينك وبينى، لكنت أبديت أضعاف مساويك، لأننى فى الرتبة غير مساويك؛ فعندها اشتعل الورد من كلامه، وظهر على جسده أثر كلامه؛ وقال: لقد تعدّيت طورك وستعرف جورك وكورك «٢» ؛ لكن قحة العيون مخصوصة بالأنذال، والتجرّى على الملوك من شعائر الجهّال؛ فأنا سلطان الرياحين، وبذلك وقّع لى فى سائر الدواوين؛ كأننى وجنة حبّ وقد نقّطت بدينار، أو أنامل خود عندميّة ضمّت على قراضة نضار؛ أشبهت الشموس شكلا، وفقت البدور مثلا؛ أنظم كما تنظم العقود، وأصل كما يصل الحبيب بعد الصدود، وأمّا افتخارك بالحراسة فهى محلّ الأسقاط، والوظيفة المنوطة بالأنباط؛ وأمّا كونك سبقتنى فهو على حكم الحجبه، والمبشّر بوصولى وإن كان أضمر بغضه لا حبّه؛ فلمّا علم أوان حطّ رحالى حثّ رحاله، وأشاع فى أصحابه ارتحاله؛ وقال: قد أظلّنا وصول ملك لا يجارى، ورئيس لا يبارى؛ وأين زمانك من زمانى، ومكانك من مكانى؟ لا أظهر إلا والثّرى قد اكتسى سندسىّ أديمه وفاح مسكىّ نسيمه؛ وخطبت أطياره، واخضلّت أزهاره؛ وصدحت بلابله، وتأرّجت خمائله؛ واطّردت أنهاره، وتعانقت أغصانه وأشجاره؛ بزغت شموسى فى فلك غياضه، وتكلّل خدّى عرقا من أنداء رياضه؛ فأنا بينها الطّراز المذهّب، والملك المعظّم المهذّب؛ اذا برزت فى لياليك المعتمه، وظهرت فى أراضيك المقتمه؛ وسهرت عيونك فى ليل شتائك «٣» ، وقاسيت برد مائك وطول عنائك؛ ولكم بين الشتاء والربيع، كما بين الرئيس والوضيع؛ يا جبلىّ الطباع، لقد صرّتك «٤» رياحى، وصفّرت