للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أظنّ أنه كان له مثل هذه المدينة. فقال بعض جلسائه: ما تجد خبر هذه المدينة إلّا عند (كعب الأحبار) فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث إليه ويأمر بإشخاصه ويغيّب عنه هذا الرجل فى موضع ويسمع كلامه منه وحديثه ووصف المدينة حتّى يتبيّن أمر هذه المدينة فعل، فإنّ كعبا سيخبر أمير المؤمنين بخبرها وأمر هذا الرجل إن كان دخلها، لأن مثل هذه المدينة على هذه الصفة لا يستطيع هذا الرجل دخولها، إلّا أن يكون سبق فى الكتاب دخوله إيّاها فيعرف ذلك.

فأرسل معاوية إلى (كعب الأحبار) وأحضره ثم قال له: يا أبا إسحاق إنّى دعوتك لأمر رجوت أن يكون علمه عندك. فقال له: يا أمير المؤمنين «على الخبير سقطت» فسلنى عما بدا لك. فقال له: أخبرنا يا أبا إسحاق، هل بلغك أن فى الدنيا مدينة مبنيّة بالذهب والفضّة، عمدها زبرجد وياقوت، وحصا قصورها وغرفها اللؤلؤ، وأنهارها فى الأزفة تحت الأشجار؟ قال: والّذى نفس كعب بيده لقد ظننت أن سأتوسّد «١» يمينى قبل أن يسألنى أحد عن تلك المدينة وما فيها ولكن أخبرك بها يا أمير المؤمنين ولمن هى، ومن بناها.

أمّا المدينة فهى حقّ على ما بلغ أمير المؤمنين وعلى ما وصفت له.

وأمّا صاحبها الّذى بناها فشدّاد بن عاد.

وأمّا المدينة فهى إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد.

فقال له معاوية: يا أبا إسحاق، حدّثنا بحديثها- يرحمك الله-. فقال كعب:

نعم يا أمير المؤمنين، إن عادا كان له ابنان يسمّى أحدهما «شديدا» والآخر «شدّادا» ؛ فهلك عاد، فبقيا وملكا وتجرّآ، فقهرا أهل البلاد، وأخذاها عنوة