للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد أعطيت من علم الأوّلين والآخرين ما لم يعطه أحد. فقال: والّذى نفس كعب بيده، ما خلق الله تعالى فى الأرض شيئا إلّا وقد فسّره فى التوراة لعبده موسى تفسيرا، وإن هذا القرآن أشدّ وعيدا (وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً) *

والله الهادى للصواب.

قال أبو إسحاق الثعلبىّ- رحمه الله تعالى- وقال الشعبىّ: أخبرنا دغفل الشيبانىّ عن رجل من أهل (حضرموت) يقال له: بسطام، أنه وقع على حفيرة شدّاد بن عاد فى جبل من جبال حضرموت مطلّ على البحر.

قال: وكنت أسمع من صباى إلى أن اكتهلت بمغارة فى جبل من جبالنا بحضرموت وهيبة الناس لدخولها، فلم أحتفل بما كنت أسمع من ذلك؛ فبينما أنا فى نادى قومى إذ تناشدوا حديث تلك المغارة وأطنبوا فى ذكرها ووصفوا موضعها؛ فقلت لقومى: إنى غير منته حتى أدخلها، فهل فيكم من يساعدنى؟ فقال فتى منهم حدث السنّ: أنا أصاحبك. فقلت: يابن أخى، أو تجسر على ذلك؟

قال: عندى ما عند أشدّ رجل من رباطة الجأش وشدّة القلب. فهيّأنا شمعة وحملنا معنا إداوة عظيمة مملوءة ماء وطعاما مقدار ما قدرنا على حمله؛ ثم مضينا نحو ذلك الجبل الذى فيه المغارة- وكان مشرفا على المكان الذى يركب أهل حضرموت منه البحر- فلما انتهينا إلى باب المغارة حزمنا علينا ثيابنا؛ وأشعلنا الشمعة؛ ثم ذكرنا الله تعالى، ودخلنا ومعنا تلك الإداوة وذلك الطعام، فإذا بمغارة عظيمة عرضها عشرون ذراعا، وطولها علوا نحو خمسين ذراعا؛ فمشينا فيها هونا فى طريق أملس مستو، ثم أفضينا إلى درجات عالية عرض الدرجة عشرون ذراعا فى سمك عشر أذرع، فحملنا أنفسنا على نزول تلك الدرجات فقلت لصاحبى: هلمّ، إلىّ يديك. فكنت آخذ بيده حتى ينزل، فإذا نزل وقام فى الدرجة تعلّقت بطرف الدرجة وتسيّبت حتى تنال رجلاى منكبيه؛ فلم نزل