للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك وذلك دأبنا عامّة يومنا، حتى نزلنا ذلك الدّرج وكانت مقدار مائة درجة؛ فأفضينا إلى أزج عظيم محفور فى الجبل، فى طول مائة ذراع، فى عرض أربعين ذراعا، وسمكه فى السماء نحو مائة ذراع، وفى صدره سرير من ذهب مفصّص بأصناف الجواهر، وفوقه رجل عظيم الجسم، قد أخذ طول هذا الأزج وعرضه وهو مضطجع على ظهره كهيئة النائم، وعليه سبعون حلّة بمقدار طوله وعرضه منسوجة تلك الحلل بقضبان الذهب والفضة، وإذا فى ذلك الأزج نقب عرضه ذراعان، وارتفاعه ثلاث أذرع، خارج إلى فضاء لم ندر ما هو، وإذا على رأس السرير لوح من ذهب، فيه كتاب بالمسند- وهو كتاب عاد كانت تكتبه فى زمانها- محفور ذلك الكتاب فى اللوح حفرا؛ فقلعناه ودنونا من الرجل فمسسنا تلك الحلل فصارت رميما، وبقيت قضبان الذهب قائمة، فجمعناها وكانت مقدار مائة رطل، فحملناها فى أزرنا، وأردنا قلع شىء من تلك الجواهر المفصّص بها السرير، فلم نقدر عليه لوثاقته، فتركناه؛ وهجم علينا الليل، ونحن فى ذلك الأزج وعرفنا ذلك بذهاب ذلك الضوء الذى كان يدخل من ذلك النّقب، فبتنا ليلتنا فى ذلك الأزج، وطفئت الشمعة التى كانت معنا؛ فلما أصبحنا قلت لصاحبى:

ما ترى؟ قال: أما الرجوع من حيث جئنا فلا سبيل إليه، لارتفاع الدّرج، وأنا لا نستطيع صعودها، لا سيّما والشمعة قد طفئت، ولكن هلّم لنلزم هذا الضوء الذى نراه فى هذا النقب، فإنى أرجو أن يخرج بنا إلى الفضاء إن شاء الله تعالى.

فقلت له: لعمرى إنّ هذا لهو الرأى.

قال: فانطلقنا بما معنا من تلك القضبان من الذهب، وحملناها مع ذلك اللوح الذهب الذى كان عند رأس السرير، ومشينا فى ذلك النّقب نتبع ذلك الضوء، فلم نزل نمشى فيه فى طريق ضيق مقدار مائة ذراع حتى خرجنا منه إلى