وأملى الله تعالى لهم، ثم بعث الله عليهم عدوّهم ممّن قاربهم وخالفهم، فأسرع فيهم القتل، وبقيت منهم شرذمة، فسلّط الله عليها الطاعون، فلم يبق منهم باقية وبقى نهرهم ومنازلهم مائتى عام لا يسكنها أحد.
ثم أتى الله بعد ذلك بقرن فنزلوها وكانوا صالحين سنين، ثم أحدثوا فاحشة وجعل الرجل منهم يدعو ابنته وأخته وزوجته فيلقى بهنّ جاره وأخاه وصديقه يلتمس بذلك البرّ والصلة؛ ثم ارتفعوا عن ذلك إلى نوع آخر، ترك الرجال النساء حتى شبقن، واشتغلن عن الرجال، فجاءت النساء شيطانة فى صورة امرأة- وهى الولهانة بنت إبليس- فشبّهت للنساء ركوب بعضهن بعضا؛ وعلمتهنّ كيف يصنعن؛ فأصل ركوب النساء النساء منها؛ فسلّط الله تعالى على ذلك القرن صاعقة من أوّل ليلتهم، وخسفا فى آخر اللّيل، وصيحة مع الشمس، فلم تبق منهم باقية وبادت مساكنهم.
قال الثعلبىّ: ولا أحسب مساكنهم اليوم مسكونة.
وقال أبو إسحاق الثعلبىّ أيضا: وروى علىّ بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علىّ بن أبى طالب- رضى الله عنهم- أن رجلا من أشراف بنى تميم يقال له: عمرو، أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنى عن أصحاب الرس وأى عصر كانوا فيه؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله تعالى إليهم رسولا أو لا؟ وبماذا هلكوا؟ فإنّى أجد فى كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد خبرهم.
فقال له: لقد سألتنى عن حديث ما سألنى عنه أحد قبلك، ولا يحدّثك به أحد بعدى.