وقال على بن أبى طلحة عنه: هو من الكنعانيّين من مدينة الجبّارين.
وقال مقاتل: هو من مدينة بلقاء.
قالوا: فلمّا أقبل موسى ببنى إسرائيل إلى مدينة بلقاء، كان أهلها يعبدون الأصنام، فلمّا بلغ الملك مسير موسى- عليه السلام- إليه استشار أكابر دولته؛ فقالوا له: إنّ فرعون لم يطقه مع كثرة جنوده، فأنت أولى ألّا تطيقه، غير أنّ هاهنا رجلا يعرف ببلعام مجاب الدعوة، التمس منه أن يدعو عليهم ليكفيك ربّك أمر موسى. فبعث الملك إليه وأحضره وتحدّث معه فى أمر موسى؛ فقال: حتى أستأذن ربّى. ودخل بلعم مصلّاه واستأذن فى الخروج، فأوحى إليه أن هذا العسكرهم بنو إسرائيل، وعليهم موسى رسولى، ولا تخرج إليهم. فقال بلعم لرسل الملك: إنّ ربى قد منعنى من ذلك، فانصرفوا وعرّفوا الملك.
وكان لبلعم امرأة، فأهدى لها الملك هديّة نفيسة، وسألها أن تكلّم زوجها فى التوجّه مع الملك؛ فسألته؛ فقال: قد استأذنت ربّى فنهانى. فلم تزل به حتى استأذن الله ثانيا؛ فأوحى الله إليه: أنى نهيتك عن ذلك، والآن قد جعلت الأمر إليك. فطابت نفسه بالخروج مع الملك. حكاه الكسائىّ.
وقال الثعلبىّ فى تفسيره، وعزاه إلى ابن عباس وابن إسحاق والسدّىّ وغيرهم:
إن موسى- عليه السلام- لما قصد حرب الجبّارين ونزل أرض كنعان من أرض الشأم، أتى قوم بلعام- وكان عنده اسم الله الأعظم- فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلّها بنى إسرائيل، وإنّا قومك وبنو عمّك، وليس لنا منزل، وأنت رجل مجاب الدعوة فاخرج وادع الله أن يردّ عنّا موسى وقومه. فقال: ويلكم، هو نبىّ الله ومعه الملائكة والمؤمنون، كيف أدعو عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم؟! وإنى إن فعلت ذلك ذهبت