للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دنياى وآخرتى. فراجعوه فى ذلك، فقال: حتى أوامر ربّى.- وكان لا يدعو حتى ينظر ما يؤمر به فى المنام- فآمر فى الدعاء عليهم، فقيل له فى المنام:

لا تدع عليهم. فقال لقومه: إنى قد نهيت عن الدعاء عليهم. فأهدوا إليه هديّة فقبلها، ثم راجعوه فى الدعاء عليهم، فقال: حتى أؤامر. فآمر فلم يجر إليه شىء فقال: قد آمرت فلم يجر إلىّ شىء. فقالوا: لو كره ربّك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك فى المرّة الأولى. فلم يزالوا به يرققونه ويتضرعون إليه حتى فتنوه فافتتن؛ فركب أتانا له متوجها إلى جبل يطلعه على عسكر بنى إسرائيل يقال له:

(حبّان) ؛ فلما سار عليها غير كثير ربضت، فنزل عنها فضربها، حتى إذا آلمها قامت، فركبها فلم تسر به كثيرا حتى ربضت، فنزل عنها وضربها حتى إذا آلمها أذن لها بالكلام، فتكلّمت حجّة عليه، فقالت: ويحك يا بلعم، أين تذهب؟

ألا ترى الملائكة أمامى يردّوننى عن وجهى هذا؟ تذهب إلى نبى الله والمؤمنين تدعو عليهم؟ فلم ينزع عنها؛ فخلّى الله سبيلها؛ فانطلقت حتى إذا أشرفت به على جبل (حبّان) جعل يدعو عليهم، فلا يدعو بشرّ إلا صرف به لسانه إلى قومه؛ ولا يدعو لقومه بخير إلّا صرف لسانه إلى بنى إسرائيل؛ فقال قومه: يا بلعم أتدرى ما تصنع؟ إنما تدعو لهم وتدعو علينا. قال: فهذا مالا أملك. واندلع لسانه فوقع على صدره، فقال لهم: قد ذهبت منى الآن الدنيا والآخرة، ولم يبق إلّا المكر والحيلة، فسأمكر لكم وأحتال، جمّلوا النساء وزيّنوهنّ وأعطوهنّ السّلع، ثم أرسلوهنّ إلى العسكر يبعنها فيه، ومروهنّ فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها؛ فإنّهم إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم. ففعلوا؛ فلما دخل النساء العسكر مرّت امرأة من الكنعانيين اسمها كستى «١» بنت صعور برجل من عظماء بنى إسرائيل يقال له: