هل بقى لك ولد غيرهم؟ فقال لا. فقال النبىّ: ربّ إنه زعم أن لا ولد له غيرهم.
فقال كذب. فقال النبىّ: إن ربّى كذّبك. قال: صدق الله يا نبىّ الله، إنّ لى ابنا صغيرا يقال له داود استحييت أن يراه الناس لقصر قامته وحقارته، فخلّفته فى الغنم يرعاها وهو فى شعب كذا. وكان داود- عليه السلام- رجلا قصيرا مسقاما «١» مصفارّا أزرق أشقر. فدعاه طالوت. ويقال: بل خرج طالوت إليه فوجد الوادى قد حال بينه وبين الزّربية التى كان يريح إليها، فوجده يحمل شاتين شاتين فيجيزهما السّيل ولا يخوض بهما الماء؛ فلمّا رآه [أشمويل «٢» ] قال:
هذا هو لا شكّ فيه، هذا يرحم البهائم فهو بالناس أرحم. فدعاه ووضع القرن على رأسه ففاض؛ فقال له طالوت: هل لك أن تقتل جالوت وأزوّجك ابنتى وأجرى حكمك فى ملكى؟ قال نعم. قال: وهل أنست من نفسك شيئا تتقوّى به على قتله؟ قال: نعم، أنا أرعى فيجىء الأسد أو النّمر أو الذئب فيأخذ شاة فأقوم له فأفتح لحييه عنها وأخرقهما إلى قفاه. فردّه إلى عسكره؛ فمرّ داود- عليه السلام- فى الطريق بحجر فناداه: يا داود، احملنى فإنى حجر هارون الذى قتل بى ملك كذا، فحمله فى مخلاته. [ثم مرّ بحجر آخر فناداه: يا داود، احملنى فإنى حجر موسى- عليه السلام- الذى قتل به ملك كذا وكذا، فحمله فى مخلاته «٣» ] . ثم مرّ بحجر آخر فقال:
احملنى فإنى حجرك الذى تقتل به جالوت، وقد خبأنى الله لك، فوضعه فى مخلاته.
فلما تصافّوا للقتال وبرز جالوت وسأل المبارزة، انتدب له داود، فأعطاه طالوت فرسا ودرعا وسلاحا، فلبس السلاح وركب الفرس، وسار قريبا، ثم انصرف فرجع إلى الملك، فقال من حوله: جبن الغلام. فجاء فوقف على الملك فقال: