ما شأنك؟ قال: إنّ الله- عز وجل- إن لم ينصرنى لم يغن عنّى هذا السلاح شيئا، فدعنى أقاتل كما أريد. قال نعم. فأخذ داود مخلاته فتقلّدها، وأخذ المقلاع ومضى نحو جالوت، وكان جالوت من أشدّ الناس وأقواهم؛ وكان يهزم الجيوش وحده، وكان له بيضة فيها ثلاثمائة منّ حديدا، فلمّا نظر إلى داود ألقى فى قلبه الرّعب، فقال له: أنت تبرز لى؟ قال نعم- وكان جالوت على فرس أبلق، عليه السلاح التامّ- قال: تأتينى بالمقلاع والحجر كما يؤتى الكلب؟
قال: نعم، لأنت شرّ من الكلب. قال: لا جرم لأقسّمنّ لحمك بين سباع الأرض وطير السماء. فقال داود: [باسم «١» الله و] يقسّم الله لحمك. وقال: بسم إله إبراهيم، وأخرج حجرا، ثم أخرج الآخر وقال: باسم إله إسحاق، ووضعه فى مقلاعه، ثم أخرج الثالث وقال: باسم إله يعقوب، ووضعه فى مقلاعه، فصارت كلّها حجرا واحدا، ودوّر المقلاع ورماه به، فسخّر الله تعالى له الريح حتى أصاب الحجر أنف البيضة وخالط دماغه فخرج من قفاه، وقتل من ورائه ثلاثين رجلا، وهزم الله تعالى الجيش وخرّ جالوت قتيلا، فأخذه داود فجرّه حتى ألقاه بين يدى طالوت.
وقال الكسائىّ فى هذه القصة: كان مع طالوت سبعة إخوة لداود، وكان داود عند أبيه وهو صغير، فقال له أبوه: قد أبطأ علىّ خبر إخوتك مع طالوت، فاحمل إليهم طعاما وتعرّف لى خبرهم. فمضى داود ومعه مخلاة له فيها الطعام، وقد شدّ وسطه بمقلاع؛ فبينا هو يسير إذا ناداه حجر من الأرض: خذنى فأنا حجر أبيك إبراهيم. فأخذه؛ ثم ناداه حجر آخر: خذنى فأنا حجر أبيك إسحاق. فأخذه؛