للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبّح. ثم قال فى نفسه ليلة من الليالى: لأعبدنّ الله عبادة لم يعبد مثلها، فصعد الجبل، فلمّا كان فى جوف الليل وهو على جبل داخلته وحشة، فأوحى الله إلى الجبال: أن آنسى داود، فاصطكّت الجبال بالتسبيح والتهليل. فقال داود فى نفسه: كيف يسمع صوتى مع هذه الأصوات؟ فهبط عليه ملك وأخذ بعضده حتى انتهى به إلى البحر، فوكزه برجله فانفرج له البحر، فانتهى إلى الأرض فوكزها برجله فانفرجت له الأرض، حتى انتهى إلى الحوت فوكزه برجله، فانتهى الى الصخرة، فوكز الصخرة برجله، فانفلقت فخرجت منها دودة تنشّ «١» ، فقال: إن الله تعالى يسمع نشيش هذه الدودة فى هذا الموضع. قال ابن عباس- رضى الله عنهما-: كان داود يفهم تسبيح الحجر والشجر والمدر.

ومنها: أن الله تعالى أكرمه بالحكمة وفصل الخطاب. قالوا: والحكمة:

الإصابة فى الأمور. واختلفوا فى فصل الخطاب، قال ابن عباس- رضى الله عنهما-: بيان الكلام. وقال ابن مسعود والحسن: المعنى علم الحكم والنظر فى القضاء، كان لا يتتعتع «٢» فى القضاء بين الناس. وقال علىّ بن أبى طالب- رضى الله عنه-: هو البيّنة على المدّعى واليمين على المدّعى عليه. وقال كعب:

الشهود والأيمان. وقال الشعبىّ: سمعت زيادا يقول: فصل الخطاب الذى أعطى داود: أمّا بعد. قال الأستاذ: وهو أوّل من قالها.

ومنها: السلسلة التى أعطاه الله إيّاها، ليعرف المحقّ من المبطل فى المحاكمة إليه. قال الثعلبىّ: روى الضحّاك عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال:

إنّ الله تعالى أعطى داود سلسلة موصولة بالمجرّة والفلك، ورأسها عند محراب داود